الجزيرة-الثقافية
في يوم الثلاثاء الرابع من ذي القعدة عام 1423 وفي العدد 11058 احتفت الجزيرة الثقافية بهذا الرمز، على غرار خبر تكريمه في مهرجان الجنادرية ونيله وسام الملك عبدالعزيز الذي قال عنه المرحوم -بإذن الله تعالى- الشيخ أحمد المبارك، هذا الوسام لن أنساه أبداً ما حييت، فكان لنا هذه الوقفات النبيلة من أولئك الذين عرفوا هذا الشيخ الجليل عن كثب، واقتربوا منه أكثر، ونالوا فرصة الاحتكاك به وبمعارفه وخبراته، ومن هذه الأقوال:
د. عبدالعزيز بن عبدالله الخويطر
إذا اتصلت بالعالم استفدت من علمه، وإذا اتصلت بالمثقف أفادك من واسع اطلاعه، وإذا اجتمعت بالأديب ملأ سمعك وقلبك بالبهجة، فأنت معه في روض يانع من أزاهير الأدب وأفنانه:
يملأ كل واحد من هؤلاء وقتك بما يبهج، ويشبع نفسك بغذاء نافع، يهديك ما يفيد، ويمتعك بما يحسن ويجمل، لا تعدم في كل مقابلة مع صاحب العقل والفكر، أن تخرج بقول صائب، أو رأي سديد، تضيفه إلى ما قد يكون عندك من حصيلة، أو تبدأ به حصيلة جديدة.
أشعر بهذا كلما تذكرت جلساتي مع الأستاذ أبي مازن، أحمد بن علي المبارك، عندما كنا طلابا في مصر. كان هو متقدما في سنوات الدراسة في كلية اللغة العربية في الأزهر، وكنت مبتدئاً دراستي في كلية دار العلوم بجامعة الملك فؤاد حينئذ. وكان بيننا ود مشترك - ولا يزال - ناتج عن تقدير مني لفضله وعلمه، ولا غرابة في هذا؛ فهو من بيت علم، ومن أسرة كريمة كل رجالها علماء أدباء. وأبو مازن أضاف إلى ما غرفه من بحر علم آبائه، واكتنزه من مخزون فضائلهم، ما حصله في دراسته في الأزهر، وما توافر له من مطالعاته الحرة خارج المنهج القوي المتميز، الذي كانت تشتهر به كليات الأزهر حينئذ.
كنت استمتع بالإنصات والإصغاء لأحاديثه الأدبية التي يرويها لغيره أو لنفسه، سواء كان ذلك نثراً أو شعراً، قصة أو حكمة، مثلا أو طريفة من الطرائف، أو شاهداً من شواهد النحو أو البلاغة، مجلسه في ذلك لا يُمل، فطريقته مشوقة، وما يأتي به مختار منتقى، وكان فارساً مبرزاً سابقاً في المناظرات والمسابقات في المسامرات التي كانت تعقد. وكنت دائما أجد الطريق، في مجالسنا الخاصة، إلى مفاتيح صناديق أدبه التي امتلأ به صدره. وكان يروق لي أحيانا أن أجلس تلميذاً مصغياً إلى إنشاده لإحدى قصائده، فأجد متعة كاملة، وفائدة قصوى من الاستماع مثلا إلى قصيدته التي يرثي بها والده، وهي من عيون الشعر، وتكشف - بحق - عمق الأبوة والبنوة، وقوة الإحساس بالفقد، مع نصاعة في العبارة، وتسلسل في الأفكار، بأسلوب أخاذ، تزيد إطلالة العاطفة منها إشعاعا إذا ألقاها بصوته المؤثر، وأشبعها بنبرات حزينة، تظهر حرارة الحرقة التي أملتها.
محمد الوعيل
يقف الشيخ أحمد بن علي المبارك على قمة الهرم الثقافي بالأحساء التي تعج أراضيها الخضراء بعشرات من المفكرين والشعراء....وشيخنا الجليل يستحق عن جدارة وسام الملك عبدالعزيز نظير مجهوداته المشهودة طيلة نصف قرن في المجالات الثقافية والدبلوماسية. وكان النقاد القدماء عندما يعجبون بشاعر فذ يقولون لولا أنه أنشأ هذا البيت الشهير لكفاه وأنا أقول إن شيخنا الجليل لو أنه «بأحديته» اكتفى لبز الجميع وجاء بما لم يستطع أن يجيء به الأوائل ذلك أن هذا التجمع الذي أتاه الشيخ بهذه الروح الواثبة وهذه الاستمرارية المدهشة وهذا التنظيم الدقيق خدم الثقافة في الأحساء خدمة لا تضاهيها أي خدمة وقدم للمفكرين في تلك الواحة الخضراء ثماراً جميلة من عقول أدباء هذه الواحة والمقيمين على أرضها الطيبة.
د. عبدالرحيم آل الشيخ مبارك
والشيخ أحمد كما أعرفه رجل نذر وقته للعلم وخدمة الدين والوطن، ورجل حباه الله علماً وتواضعاً، ويبدو أن المحيط الذي نشأ فيه الشيخ أحمد كان له الأثر الأكبر في صياغة شخصيته وبلورتها، فهو ابن بيئة علمية ولد في الأحساء وترعرع فيها، والأحساء في ذلك الوقت الذي ولد فيه الشيخ كانت تزخر بالعلماء وتنتشر فيها المدارس غير النظامية، لذلك لا غرابة أن يتعلق الشيخ بالعلم، وأن يتشبث به، خاصة أن المجتمع الذي وجد فيه كان يدفعه إلى ذلك.
بدأ الشيخ مشواره العلمي في الكتاب، حيث تعلم القراءة والكتابة، وحفظ شيئا من القرآن ثم درس على علماء بلاده بعض العلوم، كاللغة العربية، والفقه، والحديث، في مدارس غير نظامية. إلا أن ذلك القدر من العلوم التي تلقاها لم يشف غليله، فبدأ يتطلع إلى مزيد منها ولكن هذه المرة كانت المحاولة خارج الأحساء، وخاصة أنه بدأ يسمع عن مدارس حديثه نشأت في العراق فقرر أن يذهب إليها دون أن يخبر أحداً بما خطط له حتى أقرب الناس إليه كي لا تفسد خطته ويمنع من تنفيذها. وما من شك أن دافعه كان الطموح، والهمة العالية، بالرغم من وعورة المسلك، وصعوبة تحقيق الهدف، وكما قال المتنبي:
وإذا كانت النفوس كبارا
تعبت في مرادها الأجسام
محمد الجلواح
إن جاد الزمان عليك وكنت في معية عميد الأدب في الأحساء الأستاذ والسفير الشيخ أحمد بن علي المبارك، فمارس بين يديه فن الصمت، وفن الإصغاء «وأنت تعلم أن هناك فرقا بين الفنين»، وحاول أن لا يَفُتْكَ شيء من حديثه العذب، وأدبه النافع.
ولو منحك الزمان من لحظاته فرصة أخرى، ولويت عنان سيارتك إلى منزله العامر.. فإنه أول المستقبلين بابتسامته وأريحيته، وكرمه المعتاد، وسؤاله عنك، وعن من يعرفه من أهلك، وأصدقائك، ثم بعد ذلك يباشرك بحديثه الموسوعي الممزوج بالمُلَح -بضم الميم وفتح اللام- والطرائف، والإشارات النادرة، وكذلك تدفّقه في الموضوعات الأدبية والنصوص الشعرية.. قديمها وحديثها.
فترى الوقت يمضي معه سريعاً، لا تشعر به، هذا كله جانب والجانب المضيء الآخر.. مكتبته القيمة العامرة التي تعد مفخرة من مفاخر الأحساء.
وذاع صيت «الأحديه» في كل أرجاء المملكة، ودول الخليج.. فما إن يسافر أحدنا من الأحساء إلى أي مكان في المملكة أو في إحدى دول مجلس التعاون.. إلا ويُسأل عن «الأحديه»..
هذه الأمسية الثقيلة الوزن نوعاً، وجمهوراً، وطرحاً، ومعنى الخفيفة الوزن.. زمناً، وتقبّلاً.. بات ينتظرها ويسأل عنها بفارغ الصبر كل قاطني الأحساء من مواطنين ومقيمين، بل أبالغ لو قلت إنها «أي الأحديه». باتت معلما من معالم الأحساء.
عبدالله بن عبدالعزيز بن إدريس
أعتبر بحق أن الشيخ أحمد بن علي المبارك هو أحد الرموز الأدبية.. ليس في الأحساء فحسب.. بل على مستوى المملكة العربية السعودية.
وهو في زمننا الحاضر أحد أكبر وأشهر أدباء الأحساء بالمنطقة الشرقية.. سناً وعلماً وأدباً وخلقاً..كما أنه الروائي الشمولي الأول لأدب هذه المنطقة وأدبائها.. شعراً ونثراً وتاريخاً ورواية.
وهو عندما يتحدث عن الأدب والشعر والتاريخ في هذه المنطقة من المملكة يأسرك بحلاوة حديثه، وقوة لغته، وبحافظته العجيبة التي يبدو لي أنه لا يوجد في وقتنا الحاضر من يماثله في قوة هذه الحافظة واستحلابها ساعات وساعات.. دون أن تمل هذا الحديث أو تستثقله بل تود منه الاستمرار فيما يعطيك من حديث العلم والشعر والأدب والتاريخ. ولقد استضفناه في النادي الأدبي بالرياض.. منذ سنوات في محاضرة عن الشعر خصوصاً والأدب عموماً في الأحساء وما جاورها..وألقى محاضرته تلك ارتجالاً.. وكأنها مكتوبة حيث الذاكرة الواعية.
عبدالله بن أحمد المغلوث
إن الشيخ أحمد بن علي المبارك من جيل الرواد البناة وشاهد على عصر النهضة والتقدم والازدهار في مملكتنا الحبيبة بل هو علم فاعل ومؤثر من تلكم الكوكبة النبيلة من جيل الرواد الذين عايشوا نهضة بلادنا العزيزة عبر رحلة النهضة والارتقاء والازدهار من أمثال العلامة حمد الجاسر والشيخ محسن أحمد باروم والدكتور محمد عبده يماني ورجل المال والأعمال الشيخ صالح كامل والأستاذ محمد جمال وغيرهم.
- ولقد تعددت جوانب التميز والعطاء العبقري للشيخ الأديب أحمد مبارك في مجالات التربية والعمل الدبلوماسي والكتابة الأدبية والتأليف ورعاية المواهب الأدبية لمحبي الأدب والبحث وطلاب العلم انطلاقاً من ندوته الثقافية الأسبوعية في منزله العامر بمدينة الهفوف حاضرة الأحساء والتي أسسها منذ نحو اثني عشر عاماً فصارت مناراً علمياً وثقافياً ومركز إشعاع ثقافي للتنوير والتثقيف وصقل المواهب والأخذ بيد الباحثين ودعم النهضة الأدبية والثقافية في البلاد.
خالد بن قاسم الجريان
كنت واحدا ممن شَرُف بمعرفة الشيخ أحمد، ومصافحة يديه الكريمتين، وكانت صلتي به تربو على اثنتي عشرة سنة.. توثقت صلتي به من سراج بيته المضيء - أعني به منتداه الأدبي «أحدية المبارك» - ذاك المجلس الندي الذي يحتضن الأدباء والعلماء والمفكرين والمثقفين والباحثين عشاق الأدب الرفيع والقلم الرصين، واللفظة الساحرة، والمعنى الجميل مساء كل أحد من كل أسبوع.
يتسم الشيخ أحمد بالخلق النبيل، والوفاء لعلمائه، والكرم، والتواضع الجم، والصبر، وعزة النفس، والمحبة الصادقة لأهل العلم والفضل والاحتفاء بهم، كما أن الشيخ يمتاز بالذكاء الفطري، والفطنة، والعقل المتقد، والفكر الثاقب، والبصيرة النافذة، والحديث العذب الذي يسحرك لفظه ومعناه، ودقة الوصف، والحافظة النادرة لتاريخ بلده وأحداثها وأدبائها وعلمائها، بالإضافة إلى حفظه لعيون الشعر العربي.
لازم الشيخ عددا من العلماء من أبرزهم:
والده الشيخ علي بن عبد الرحمن المبارك « ت1362هـ».
الشيخ مبارك بن عبد اللطيف المبارك «ت 1404هـ.
أخوه الأكبر الشيخ إبراهيم بن علي المبارك «ت 1393هـ».
الشيخ عبد العزيز بن صالح العلجي «ت 1362هـ».
الشيخ عبد العزيز بن حمد المبارك «ت 1359هـ».
الشيخ أحمد بن سعد المهيني «ت 1358هـ».