Al Jazirah NewsPaper Saturday  24/04/2010 G Issue 13722
السبت 10 جمادى الأول 1431   العدد  13722
 

مستعجل
«ساري» جعلنا ننتشي ألف مرة..
عبد الرحمن السماري

 

الشعر.. من أكثر وأقوى المحمِّسات.. ودافع همم الناس نحو الشموخ..

يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم.. عن شعر حسان بن ثابت رضي الله عنه (إنه أشد وقعاً على المشركين من ضرب السيوف).

وكان شعر (الحماس) معروفاً منذ العهد الجاهلي إلى يومنا هذا.. وهو غرض شعري مهم يطرب له المتلقي.. ويترك أثراً ليس هيناً على نفوس الناس.. بل إن هذا الشعر.. يسهم في تغيير توجهات الناس.. بل إنه يعيد تشكيلها ويبعث في النفوس.. العزة والأنفة والقوة والشموخ.

وعلى امتداد التاريخ.. اشتهرت كل مرحلة.. وكل عقد.. وكل حقبة تاريخية.. بعدد من الشعراء الكبار المبدعين.. الذين يصنعون لأمتهم ما لم تصنعه أفتك وأقوى وأعنف الأسلحة..

والذي يقرأ التاريخ.. يقرأ معه عشرات.. بل مئات القصائد الحماسية.. التي صاغها شعراء كبار.. أسهمت في صياغة وتشكيل قناعات الناس.. وهيَّضت في دواخلهم.. ما هو مكنون..

والشعر الوطني.. أو هو الشعر الحماسي غرض مهم من أغراض الشعر.. بل هو أقواها وأرقاها وأكثرها تأثيراًَ وأهمية وأكثرها بقاءً في صدور الناس.. بل إن هذا الشعر.. هو الذي يُؤرخ لكل حقبة زمنية..

لقد اشتهرت كل حقبة بشعرائها الكبار.. الذين دوَّنوا وسجلوا تاريخ هذه الحقبة.. ونقلوا للآخرين ما دار في هذه الحقبة من أحداث.

في جهاد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- وكفاحه التاريخي لتوحيد أرجاء هذا الوطن العظيم.. كان للشعر حضور وكان للشعر أثره ودوره.. ولذلك.. بقي هذا الشعر بالذات.. محفوظاً في صدورنا.. تتناقله الأجيال.

نحفظ أكثر القصائد التي قيلت في عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- ونرددها بيتاً بيتاً.. ونتغنى بها.. وما زالت حتى اليوم تُردد في كل عرضة سعودية.. وصارت هذه القصائد جزءاً مهماً من تاريخنا.

هناك شعراء كبار سجلوا هذه الأحداث التاريخية الحاسمة المهمة التي جاءت متزامنة مع توحيد أطراف هذا الوطن الكبير.. وليتنا نحتفي بهم ولو أنهم أموات.

اليوم.. هناك جيل آخر من هؤلاء الشعراء الكبار.. الذين يؤرخون لهذه المرحلة من خلال إبداعاتهم.. ومن خلال قصائد نادرة رائعة تبعث في النفس الشموخ والعزة وترتقي باهتمامات الناس وتقربهم إلى وطنهم أكثر.. بدلاً من ترديد كلمات حب غنائية أو ترديد كلمات تافهة يطلقها بعض المطربين والمطربات.

الشاعر الكبير (ساري) دخل هذا المضمار بقصائد كانت بالفعل دُرراً.. إحداها كانت في أوبريت الجنادرية.. والأخرى.. كانت في احتفالات مملكة البحرين.. احتفاءً بقائد المسيرة.. خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله-.. في زيارته الأخيرة للبحرين الشقيق.

هذه القصائد.. مفعمة بالصدق والوطنية.. كلمات كلها إبداع صيغت بطريقة لا يقدر عليها.. إلا الندرة من المبدعين الموهوبين..

وشاعرنا (ساري) فوق موهبته الشعرية الفذة.. هو أيضاً.. راصد ومتابع وخبير ومفكر وكاتب.. فإذا صُقلت الموهبة والعبقرية الشعرية بالثقافة.. كان لها شأن آخر.

قصائد (ساري) اليوم.. تُردد على كل لسان.. فهي خير ما يشحذ الهمم.. ويُقوي العزائم ويبعث في النفوس.. العزة والشموخ والإباء.

نحن سعداء.. بأن نسمع مثل هذه الكلمات المفعمة بالوطنية تُردد على ألسن أبنائنا ويحفظها الكثير.

نحن نريد تنشئة أبنائنا على حب الوطن.. وعلى التواصل مع تاريخ الوطن.. وعلى التضحية من أجل الوطن.

نحن نريد من شعرائنا.. أن يتجهوا لهذه الأغراض الشعرية المهمة.. التي تربط أبناءنا بوطنهم.. وتُحببهم في منجزات وطنهم.. وتنقل للأجيال اللاحقة.. ما جرى في هذه الحقبة التي نعيشها اليوم.

(ساري) أبدع بالفعل.. بل حلَّق في سماء الإبداع.. ونقل صوراً شعرية يصعب على غير الشاعر المبدع نقلها.

ما أجمل هذه القصائد.. وما أجمل أن تسمعها تُغنّى في عرضة أو أوبريت أو نشيد وطني.

هذه الكلمات.. لها وقع عجيب في أذن المتلقي.. إذ إنها.. تجعلك تنتشي ألف مرة في لحظة واحدة.

والشيء الغريب في المسألة.. أن الكلام العذب.. والشعر المبدع.. يسهل حفظه.. إذ إن بعض القصائد الممتلئة إبداعاً.. تحفظ نصفها عند قراءتها لمرة واحدة.. وتستقر في ذاكرتك.. بل إنك ترددها في كل لحظة دون شعور:

إذا الشعر لم يهززك عند سماعه

فَلَيسَ خَليقاً أن يقال له شعر

وهذا الشعر تهزك كل كلمة فيه.. شعر يرسخ في الذاكرة وتردده لا إرادياً.

لا نملك.. إلا أن نشكر شاعرنا الكبير (ساري) على هذه العقود الجميلة.. هذه اللآلئ التي عطَّرت سماء الوطن.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد