أعرفكم جيداً، وأثق في أنكم تنتظرون معونة في الرأي، وأفكاراً للتصويب، وصدقاً في المؤازرة، وأنتم تتسنمون قيادة أهم معاقل المسؤولية في شأن تنشئة، وتعليم، وتربية العنصر البشري الذي هو قوام الأمة، وجدار المجتمع، وسقف العطاء، وأرضية البناء...
أنتم، من رافقتكم مسيرة الأُخوة، والزمالة، والصحبة، والمسارات العديدة، لذا، أوقن تماماً أن ما يأتيكم من الفكرة، فلأنها الهدية، وأنتم لا تردون الهدايا، إذ عهدي بكم كريمين حداً من الوفاء كبيراً، لكل خطوة ترافقنا، ولكل ذرة تقاسمنا، ولكل شربة تبادلنا...
أنتم، الأخ الأمير العزيز فيصل بن عبد الله، والأخت الصديقة نورة الفايز، والأخ الكريم فيصل المعمر، أنتم، من تثبت فوق أكتافكم مهمة كبرى، وبإذن الله، إنكم ماضون في وضعها في مسارها الصحيح، وفق قيمها القويمة، وأهدافها الكبيرة، ما كان منها ثابتاً لا يداخل الجذور فيها حطَّاب، وما كان منها متغيّر، لا تغفل عنها إرادة إفادة، أو استزادة، فكلها تصب في رغبة، تتحرك في اليقظة والمنام، تدور في مضمار هذا الفرد المتعلم، منذ أن تلمس قدماه درب الاتجاه لساحات الأركان، تتعارف مع ما فيها حواسه، وذاكرته، وإلى أن يركض للكسب, والإنجاز في آخر محطات، تؤهله للأعلى مستوى، الأوسع طموحاً، من طرق التحصيل والمعرفة، في المواقع والمنابر والمراكز...
هذه، وزارتكم، للتربية والتعليم على قدم وساق، تتجلى فيها حركة التطوير, والتصويب، والاستزادة والتهديف، وها هو كل عنصر فيها - معلماً, ومتعلماً وإدارياً ومشرفاً - من الجنسين في معمعة العطاء والأخذ... لكن ثمة ما يحوك في صدري قوياً، يؤرقني، ولا أشك في أمر أنه, لم يعبر بكم دون أن يفعل بكم كما فعل بي وبغيري، ولا أحسب أنكم لم تضعوه في أوّلياتكم، لكنه تذكير الخُلَّص بصوتكم، ومشاركة الحامل معكم ثقل الأمانة... المتأكد من تضافرنا الحماس، وأرق المسؤولية... هذا الذي أقول هو، درس القرآن الكريم، واللغة العربية، بين المقررات، إذ لا يكفيهما في مراحل هذه المؤسسة، ما هما عليه، فليتنا نضعهما في أول مسؤوليات التخطيط، والتعليم، وتضمين التوسع فيهما، هدفاً وغاية، تدريساً وتمكيناً، منذ أول حرف يتعلمه النشء، وإلى أن تستوي المدارك لهم، فهماً واستيعاباً، بحيث لا يخرج الدارس من المرحلة الثانوية لمعترك الهواء إلا قد توظف لسانه عربياً فصيحاً، وامتلأ جنانه بنور القرآن حفظاً واقتداءً، فهو الدواء والوجاء في كل زمان ومكان, ولأنه السائل والمسؤول... إذ بدل أن تكون للقرآن الكريم مدارس خاصة فقط، يتوجه الفرد إليها اختياراً, يكون القرآن أساساً للتعليم الرسمي، قراراً، ويكون للعربية مقامها بين الدروس، ومزجها جزءاً من تقويم المقررات الأخرى المنطوقة محتوياتها بلسانها، مما يستوجب إخضاع كل عنصر في العملية التعليمية، لشرط إتقانها تحدُّثاً وكتابة... إذ لا يفصل بين التعليم العام، وتعليم القرآن الكريم ولغته، إلا ما يرتبط بتفاصيل التخصص الدقيق, وذلك لا يخفى أنه مرهون بتقدم الخبرات...
أكيد، علينا أن نساعد الأجيال لأن تكون لهم إجابات منجية، حين يكون للقرآن الكريم أن يشهد لهم، ولنا، ويكون للإنسان من هؤلاء العناصر, أن يأتي لا هاجراً للقرآن ولا جاهلاً به... إنها أول المسؤوليات في مؤسسة التعليم الأولى...
وقد شهدنا أن الأمم لا تقوى بغير لسانها، فكيف إن هو لسان القرآن، ولا تنجو بغير دستورها، فكيف وهو ختم الرسالات، وإننا خير أمة خصّها الله تعالى بالقرآن الكريم، وجعله بلسانها العربي المبين؟..
إنها إذن أول ما أتمنى منكم إخوتي الأفاضل، أن تجعلوها على أقرب طاولة بحث عند النظر في تحديث الخطط، والمناهج، وأهداف التعليم, والتربية والتدريس... وإني واثقة في هممكم، ومن معكم من جميع عناصر هذه المؤسسة الكبرى التي تضطلعون بها... فقد عرفت هممكم، وخبرت قدراتكم، وبكم تزداد الثقة... أعزائي، حفظكم الله ووفقكم.