فاصلة: (العدل والجور لا ينجمان عن الطبيعة بل عن القانون) - حكمة عالمية -
أعرف بوجود المحرم في السفر والمستشفيات وقطاعات أخرى عدة لكن أن تشترط المكتبات العامة وجود المحرم مع الباحثة فهذا أم غريب، لكنه واقعي، حيث نشرت إحدى صحفنا الأسبوع الماضي أن المكتبة العامة بأبها بدأت فتح أبوابها للنساء في الفترة الصباحية طيلة أيام الأسبوع للاستفادة من نظام الاستعارة، شريطة وجود محرم للسيدات!!
ولكي نفهم مساحة الخلل زمنيا فإن المكتبة العامة بالدمام قد سبقت مكتبة عسير؛ حيث إن صحفنا المحلية قد نشرت خبراً يقول إن مكتبة الدمام العامة تلغي شرط المحرم للمرأة التي ترتاد المكتبة العامة في الدمام كان ذلك في أبريل من عام 2008م فماذا عن باقي المكتبات العامة في مدن المملكة؟
لازلت أذكر قبل سنوات عدة: كيف أن الطلاب في جامعة الملك سعود ينعمون بارتياد مكتبة الدرعية كل يوم بينما يبقى للباحثات فتات الأيام.. وهي الفترة الصباحية فقط من يوم الخميس!
بعض القرارات لا نعرف من أين جاءت، أو كيف صيغت لأنها فيما يبدو بعيدا عن العدالة في تحقيق الفرص المتكافئة بين الرجل والمرأة.
ولكي أظل في ذات المساحة، ولا أبعد نحو المحرم في السفر وفي المستشفى وقبل ذلك في الفندق قبل قرار تمكين المرأة من السكن في فندق دون محرم، أتساءل عن ضرورة وجود محرم في مكتبة عامة؟
القضية الأساسية أن في الذهنية العامة للمجتمع عدم ثقة بالمرأة كإنسان كامل الأهلية، وأن ما يمنحها المجتمع من فرص في التعليم أو العمل هو ذر الرماد في عيون المؤسسات الرسمية التي بدأت تذعن للقرار السياسي الذي يحاول سن أنظمة وقوانين جديدة وفق العصر الحديث والمنظومة الكلية للعالم، وهذا بالطبع لا يتعارض مع ديننا.
لأن القول بأن التحديث الذي يطالب به العقلاء هو دعوة إلى الخروج عن الدين لا توجد له ركائز منطقية إنما هو ضغوط يمارسها البعض للعودة إلى الوراء ولإسكات العقل عن التفكير والمنطق عن دوره في التنوير.
القضية الأساسية في احترام قدرات المرأة تبدأ من البيت.. من الأم التي تقدر ذاتها، والأب الذي يحترمها ثم تكمل المدرسة هذا الدور من خلال مناهج خالية من التمييز ضد المرأة أو الإيحاء بضعفها البدني والفكري..
هنا تكمن بداية تأسيس الصورة الذهنية الصحيحة للمرأة السعودية حتى لا تصل الأمور بنا أن تكرس صورة مشوشة دون هوية.
المسألة ليست أن تحضر المرأة المكتبة العامة دون محرم، أو أن تسافر أو تبتعث إلى الدراسة إلى خارج البلاد بدونه، أو تمتلك حق الولاية على نفسها حين تكون راشدة.
المسألة أن هذه المرأة التي وضعت في قالب من عدم الثقة هي التي من المفترض أن تصنع المستقبل لأنها هي من يربي أجيالا ممتدة، فكيف بالضعف ونقص القدرات أن يصنع شيئا!!
NAHEDSB@HOTMAIL.COM