قبل أيام قليلة، صدرت فتوى «هيئة كبار العلماء»، حول تجريم تمويل الإرهاب بكافة وسائله وأشكاله، فضلا عن فتاوى التكفير.

هذه الفتوى تعتبر امتدادا لفتوى «هيئة كبار العلماء»، الصادرة في عام «1999م» حول الإرهاب، والتي حرمت فيه كافة الأعمال الإرهابية. حيث أدان - سماحة الشيخ - عبد العزيز بن عبدالله بن باز -رحمه الله-، وكذا الهيئات الرسمية والدينية الأخرى في المملكة الأحداث الإرهابية، وشددوا على أن هذه الأعمال محرمة، بل تعد من كبائر الذنوب، ولا تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية التي تحارب الإرهاب بأنواعه وأسمائه المختلفة.

على أية حال، تمثل هذه الفتوى أمرين مهمين، أولهما : التزام الهيئات الرسمية والدينية، بتجريم ظاهرة الإرهاب بموضوعية، وتجرد، ومنهجية في تحديد حكم الشرع إزاءها. كما تمثل أمرا آخر، هو: التأكيد على زيادة الاهتمام بمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة. فقد شكلت الجرائم الإرهابية تهديدا للوحدة الوطنية، واختراقا أمنيا ونظاميا، وألقى بتحديات سياسية واقتصادية؛ حيث يعد الإرهاب عملا من أعمال العنف، بما يشكله من عدوان على الأرواح والأموال، وخلق جو من عدم الأمن.

يتبين مما سبق، أن التوسع في تجريم الأفعال التي تساعد على تحقيق الإرهاب، يعتبر من أهم الوسائل لمواجهة الإرهاب، والتي تحول - بإذن الله - دون وقوعه، -لاسيما- وقد أصبح للإرهاب واقع سياسي واجتماعي، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، ما تمثله هذه الظاهرة من خطر عظيم على المجتمعات، ولذا فإنني أذكر قبل سنتين، نتائج بيان مجلس «وزراء الداخلية العرب» الختامي لأعمال الدورة الخامسة والعشرين في تونس، حين أقر تعديل «المادة الأولى» من الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب. وبموجب هذا التعديل تم تجريم التحريض على الجرائم الإرهابية، أو الإشادة بها، ونشر، أو طبع، أو إعداد محررات، أو مطبوعات، أو تسجيلات أيا يكن نوعها للتوزيع، أو لاطلاع الغير عليها بهدف تشجيع ارتكاب تلك الجرائم.

إن تجريم الإرهاب بكافة أشكاله وصوره، وشجب تلك الأعمال غير الأخلاقية، والتي تتنافى مع مبادئ وسماحة وأحكام الدين الإسلامي، التي تحرم قتل المدنيين الأبرياء، وتنبذ كل أشكال العنف والإرهاب، وتدعو إلى حماية حقوق الإنسان، يدل على أن مراجعة وتحديث الإستراتيجية التي نتبعها في محاربة الإرهاب، مطلب مهم؛ من أجل القضاء على تلك الآفة الخطيرة، واجتثاث جذور الإرهاب داخليا وخارجيا، بعد أن عانى العالم من عدد من النكسات الحرجة بسبب تلك الظاهرة.