الإنترنت هي شبكة الشبكات، وتتصل هذه الشبكات، بالأساس، عبر أسلاك وكل هذه الأسلاك والماكينات المتصلة بها تتحكم فيها جهة معينة. وغالبيتها العظمى تملكها جهات خاصة أي يملكها أفراد وشركات اختاروا الاتصال بالشبكة وبعضهم الآخر مملوك لحكومات.
جاء في كتاب (الصناعات الإبداعية) لمحرره جون هارتلي إن (هذه الشبكة الواسعة من التقنية المملوكة ملكية خاصة تبني واحدة من أهم عموم الابتكار (innovation commons).
إن بروتوكولات الإنترنت القائمة على نظام تشغيل تحت السيطرة، تتيح قضاءً حراً للابتكار. وتوِّفر الشبكات الخاصة مورداً مفتوحاً يمكن لأي أحد الاستفادة به.
ويوِّجه مبدأ (من الطرف إلى الطرف) - الذي كان مصممو الإنترنت جيروم سلاتزر ودافيد كلارك ودافيد ريد أول من وصفه في عام 1981م - مصممي الشبكات في تطويرهم بروتوكولات وتطبيقات الشبكة.. ويزعم المبدأ الاحتفاظ بالذكاء في الشبكة في الأطراف أو التطبيقات.
الإنترنت ليست الشبكة الوحيدة التي تقوم على تصميم (من الطرف إلى الطرف) وإن كانت أول شبكة حواسب واسعة النطاق تختار هذا المبدأ منذ ميلادها. فالقطب الكهربائي قطب من طرف لطرف.
وهكذا عطلّت صيغة (من الطرف إلى الطرف) التحكم المركزي في طريقة تطور الشبكة. وكما يرى برنرز لي فإن هناك حرية على الإنترنت، فبما أننا نقبل بقواعد تبادل إرسال رزم البيانات فبإمكاننا إرسال أي رزم تحوي أي شيء إلى أي مكان.
ويمكننا أن نرى الآن كيف جعل مبدأ (من الطرف إلى الطرف) من الإنترنت، اختراع عموم، حيث يمكن للمخترعين تقديم ونشر محتوى أو تطبيقات جديدة دون تصريح من أحد.
ختاماً: فلقد وُلدت الإنترنت على طبقة مادية خاضعة للتحكم، تتشكل من بروتوكولات تبادل المعلومات وبروتوكولات الإنترنت، لم تكن حرة بحال. وتعبِّر هذه البروتوكولات عن مبدأ من الطرف إلى الطرف ويفتح هذا المبدأ بفاعلية الفضاء الذي توفّره أجهزة الكمبيوتر المتصل بالإنترنت من أجل التغيير والابتكار.
المستشار وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية