مما لاشك فيه أننا في مجتمعاتنا العربية نفتقد وبدرجة كبيرة للاحترافية المهنية في الرد على الهاتف التي تمثل الحلقة الأقوى والأهم في العلاقة بين المواطن والمؤسسات الحكومية (العسكرية، والمدنية) والمواطن وخدمات القطاع الخاص.
فالرد على الهاتف فن ومهنة ولها بروتوكولات عالية المستوى ذات صبغة احترافية دقيقة من بداية الرد على المكالمة، مروراً بالتحدث مع المتصل وتلقي الخبر ووصولاً إلى كيفية إنهاء المكالمة وتقديم الخدمة.
فالضوابط والأطر التي ترسم سياسة الرد على الهاتف متعددة ومختلفة بين تنظيم وآخر، فمبدأ الرد على الهاتف أمر هام للغاية فلا مبرر للتجاهل أو الإهمال، وما يمارس حالياً في آلية الرد يعد خطأ وإقصاء في حق المتصل، فعلى سبيل المثال نقرأ أحياناً في بعض الصحف المحلية إعلاناً تسويقياً لأحد المنتجات التي لا يمكن الوصول إليها إلا بواسطة الهاتف، ومع ذلك فجميع الخطوط مشغولة أو لا أحد يجيب مما يعطل خدمة الشراء ويبطل دور الإعلان.
فاحترافية الخدمة الهاتفية تكون بأن يتم الرد على المتصل ما بين الرنة الأولى والثالثة، وأن يستخدم متلقي المكالمة عبارات ترحيب لائقة وجميلة، ويفصح أثناء المحادثة عن اسم الجهة واسمه، ثم ينتظر حتى يرد المتصل على التحية ويعرف بنفسه ويوضح الغرض من اتصاله مع الالتزام الكامل بأخلاقيات الاستماع والإنصات والخضوع التام لجميع الجوارح ليفهم موضوع المتصل وحاجته، ثم تأتي مرحلة الإجابة على استفسار المتصل فإذا كانت الإجابة حاضرة فإنه يتم تزويده بها، أو يطلب منه مهلة من الوقت للإجابة عن استفساره بعد التأكد من تسجيل اسمه ورقم هاتفه مع إبلاغه بأن الجهة سوف تتصل به حال توفر المعلومة المطلوبة، أما في حالة كون الموضوع خارج نطاق المنشأة فيتم إحالته للجهة المختصة ذات العلاقة سواء بتحويل المكالمة أو بتزويده برقم هاتف الإدارة المعنية، وتنتهي المحادثة بعبارات شكر وثناء من المتلقي تاركاً للمتصل إنهاء المكالمة أولاً.
فثقافة الرد على الهاتف ثقافة صحية ومسلك قويم يعكس أخلاقيات المهنة ويدل على الوعي ويحقق المصلحة المشتركة، لذا فالظاهرة تحتاج إلى دراسة علمية مستفيضة تبرز أهمية الرد على الهاتف، والآلية الصحيحة في تلقي المكالمة وتطبيقاتها في الأجهزة الحكومية والمؤسسات الأهلية ذات الصبغة الخدمية، كما أن المجتمع بحاجة ماسة إلى عقد الدورات التخصصية في مجال المهنة لموظفي البدالة وموظفي مراكز الاتصالات الهاتفية، تهتم في محاورها على تفعيل هذه الخدمة بالشكل الصحيح المرضي.
فثقافة الرد على الهاتف من أهم مهارات التعامل مع الجمهور، لذا يجب أن تأخذ الطريق الجاد في التعديل والتطوير وتغيير الحال، فالأجهزة الحكومية والمؤسسات الأهلية التي ترغب وتطمح في تطوير خدماتها باستخدام الهاتف ينبغي لها في ذلك أن تسلك مسار الجودة والنوعية في الرد على الهاتف، والمطبقة في هاتف 999 بالدوريات الأمنية و998 بالدفاع المدني و997 بالهلال الأحمر و993 بالمرور، وكلها تمتاز بالسرعة في الرد والاحترافية في تلقي المكالمة والخبرة في تمريرها للجهة ذات الاختصاص.. معاً نحو ثقافة 999 في الرد على الهاتف.. فهل نستطيع؟