Al Jazirah NewsPaper Thursday  15/04/2010 G Issue 13713
الخميس 01 جمادى الأول 1431   العدد  13713
 
دافوس بين (توصيات وفعاليات 2010)
د. أحمد العثيم

 

عقد منتدى دافوس الاقتصادي (بسويسرا) 2010 في الوقت الذي ترزخ فيه العديد من الدول تحت وطأة وأعباء الديون المتراكمة من جراء إنقاذ النظام المالي والاقتصادي العالمي، فكان لزاماً أن يكون الاقتصاد صاحب الحظوة الكبيرة في المنتدى الاقتصادي العالمي هذا العام والذي احتفل بالذكرى الأربعين على تأسيسه، في ظل وضع اقتصادي متضرّر من جراء الأزمة المالية، وفي خطوة إيجابية عاود المنتدى إلى جذوره الاقتصادية الأساسية بعد عهد من التحوّل إلى واجهة سياسية أكثر منها اقتصادية في خروج عن الهدف الذي أسس من أجله.

ومن منطلق الشعور بالمسؤولية بالنظر إلى تداعيات الأزمة المالية العالمية، وما أحدثته من تأثيرات سلبية على الاقتصاد العالمي، جاء اختيار - شعار المنتدى هذا العام ب (إعادة التفكير والصياغة والبناء) لنظام اقتصادي عالمي بعد هزة الأزمة المالية، من أجل تحسين وضع العالم - اختياراً موفقاً حيث تم تخصيص أكثر من 100 جلسة اتخذت شعار (إعادة الصياغة والتفكير والتصور)، إما للنظام المالي العالمي، أو للنمو الاقتصادي العالمي على المدى الطويل، أو إعادة التفكير في نمو القارة الإفريقية، بل حتى إعادة تصور نظام رأس المال الذي تتحكم فيه الأسواق، بما في ذلك إعادة التفكير في أخلاقيات المهنة في المجال التجاري، وهذا كله من أجل إعادة الثقة في النظام الاقتصادي.

فقد تمحورت النقاشات بشكل أساسي حول إيجاد إستراتيجيات ملائمة لفترة ما بعد الأزمة الاقتصادية العالمية، حيث احتل الاستثمار في إفريقيا هذا العام دوراً كبيراً في المناقشات، وخاصة في الوقت الذي تنتقل فيه إفريقيا من قارة ترزح تحت وطأة عجز مالي كبير يجري تمويله بدرجة كبيرة من أموال المساعدات، إلى قارة تتمتع بفائض مالي، ومن ثم يجري البحث عن إطار عمل لإدارة ثروات البلاد من مواردها الطبيعية.

كما لم يستطع (دافوس الاقتصادي) هذا العام أن يتجاهل تناول الموضوعات التي فرضتها الأحداث، وهي إعادة بناء هايتي بعد الزلزال المدمر الذي ضربها يوم 12 يناير الجاري، وموضوع التغيرات المناخية التي لم تجد في مؤتمر كوبنهاجن حلولاً مقنعة.

وقد أثمر المنتدى الاقتصادي (دافوس) 2010 بالعديد من التوصيات الختامية الهامة ومنها:

- ضرورة التنسيق والتعاون في كافة المجالات الاقتصادية والعالمية بما يتيح خلق مناخ اقتصادي عالمي جديد.

- ضرورة تفعيل العلاقات بين المؤسسات العالمية في رفع الأداء والمستوى التعليمي .. وذلك من خلال الربط التكنولوجي الحديث بما يساهم في التقدم والتطور البشري.

- كذلك دعا المشاركون في المؤتمر إلى دعم الدول الفقيرة؛ لاسيما على الصعيد الصحي .. وذلك من خلال توفير اللقاحات والأدوية التي تحتاجها هذه الشعوب.

وها نحن ننتظر التفعيل وهو أبلغ ما نحتاجه في زمن لا نرى فيه سوى طنطنات صوتية.

ورغم انتقاد الكثيرين لجدوى مثل هذه المنتديات العالمية؛ إلا أننا نؤكد أهميتها حيث نرى أنها تتميز بالعديد من المزايا ومنها:

أنها تعتبر بوتقة لصهر الرؤى المختلفة، وهذا ما يتيح الفرصة للجميع بحيث يمكن أن يؤثر ويتأثر بما يطرح فيها.

- خروج مثل هذه المنتديات بتوصيات وأجندات جادة للعمل وقابلة للتفعيل والتنفيذ، يُعد هدفاً منشوداً.

- كما أنها تعتبر فرصة لمناقشة القضايا المصيرية التي تخص الاقتصاد العالمي والنظم المالية وأسواق العمل والاستثمار؛ التي تؤثر في العالم العربي ككل، فعلى سبيل المثال يُعتبر ما طرحه الرئيس الفرنسي ساركوزي من ضرورة إعادة النظر في اتفاقية بريتون وودز الحاكمة للنظام المالي العالمي أمراً بالغ الأهمية، حيث استأثر باهتمام العديد من القوى العالمية له، وهذا الأمر يمكن أن يفتح المجالات لربط النظام السياسي العالمي القائم بمنظومة جديدة سياسية واقتصادية تعيد تعريف علاقات القوى العالمية، ولاشك أنّ هذا الأمر يمكن أن يخدم العرب كثيراً ولكن إذا انتبهوا إلى الإرهاصات التي تشكل النظم العالمية في القرن الجديد.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد