في علم الإدارة هناك أهداف ومهام واختصاصات، بمعنى أن يكون لكل وحدة إدارية اختصاصاتها، مما يمنع الازدواجية والتضارب في إنجاز الأعمال، كما أن أي عمل يقوم به أكثر من شخص يجب أن يتم توزيع هذا العمل بينهما حتى ينجز في وقته وباحترافية، وكذا فإن أحد أسباب تدني مستوى الإنتاجية في أي منشأة هو تداخل الاختصاصات بين الوحدات الإدارية، كما أنه يحدث أيضاً على مستوى المنشآت، وهذا يعيق العمل، ويخلق الصراع في المنشآت بعضها مع بعض، وبين الأشخاص القائمين على العمل في المنشأة الواحدة، ولنأخذ مثالاً على ذلك، وهو ما صرح به معالي فضيلة رئيس المجلس الأعلى للقضاء في إحدى الصحف المحلية جارياً على تقديم الدعوى من المنزل عبر الإنترنت، وعلى ضوء هذا التصريح أستسمح معاليه بأن أسأل سؤالاً بسيطاً، وهو: ما هو اختصاص المجلس الأعلى للقضاء، وما هو اختصاص وزارة العدل؟.. النظام الصادر يحمل تداخلاً مما لا شك فيه، لكن عند قراءة اختصاصات المجلس الأعلى للقضاء يلاحظ أنه يهتم بالقاضي وأحكامه، وهناك شيء من الغموض في إدارة المحاكم وليس له علاقة بالنواحي الإدارية والمالية، وكما هو معلوم فإن الإجراءات هي شأن إداري، ولذا فإن النظام خلق شيئاً من الازدواجية بين المجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل التي هي معنية بتهيئة المحكمة وهي مسؤولة عن ذلك إدارياً ومالياً. وبما أننا بصدد الاختصاصات فإن كافة المجالس التي قامت الدولة بإنشائها، وهي مما لا شك فيه خطوة إيجابية، ترسم السياسة العامة والإستراتيجية لهذا الجانب سواء الاقتصادي أو التعليمي.. إلا المجلس الأعلى للقضاء الذي له مهمة تنفيذية واضحة لا سيما الفقرة (أ) من المادة السادسة من هذا النظام والتي تنص على: (النظر في شؤون القضاء الوظيفية من تطبيق وترقية وتأديب وندب وإعارة وتدريب ونقل وإجازة وإنهاء خدمة وغير ذلك، وذلك يضمن استقلال القضاة).. وكما هو معروف أن المقصود باستقلال القضاة هو الاستقلال في الحكم فلا سلطة على حكم القاضي. وأخيراً حتى يكون أداء هذا المرفق (القضاء) عملياً وذا مستوى متميز، فلا بد أن تكون الاختصاصات واضحة، وأن تكون وزارة العدل تشرف على كتابات العدل فقط، ويترك القضاء وشأنه إلى إشراف المجلس الأعلى، أو يكون هناك إعادة في الاختصاصات بحيث يكون دور المجلس الأعلى للقضاء هو توفير القاضي للمحكمة والتفتيش عليه كما نص النظام من ناحية حكمه على القضايا، ويُترك الشأن الإداري والمالي لوزارة العدل حتى يمكن إيجاد معايير محاسبة في حال التقصير لأنها المعنية بالإجراءات وإدخال النظم الآلية في أعمال المحكمة وكتابات العدل وتوفير الموظفين... والله من وراء القصد.