الجزيرة - عبدالعزيز العنقري
أقرت حكومة المملكة خطة التنمية التاسعة الأسبوع الماضي وحملت في أبوابها الرئيسية استمرارية التركيز على تنمية العنصر البشري بدعم العملية التعليمية بكافة مراحلها بخلاف توسيع قاعدة الخدمات المقدمة للمواطنين والتركيز المستمر بكافة خطط التنمية التي سبقتها على الثوابت الدينية والوطنية للمجتمع كعوامل تدعم مسيرة التنمية التي يقود مسيرتها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله-.
وحول أبرز المستجدات التي دخلت على الخطة التاسعة قال ل(الجزيرة) عضو مجلس الشورى الدكتور زين العابدين بري: إن الجديد في هذه الخطة التاسعة هو إدخالها لبعض الجوانب المهمة التي أصبحت حتمية وتقتضيها المرحلة التي وصل إليها التطور والنمو الاقتصادي في المملكة. فبعد ثماني خطط خمسية استغرق تنفيذها أربعين عاماً تحقق خلالها الكثير نجد أنه لا بد من الدخول إلى مرحلة جديدة تقتضيها طبيعة المرحلة.
وكان من أهم مظاهر الخطة الجديدة تركيزها على أهداف جديدة مثل التوجه إلى الاقتصاد المبني على المعرفة وتعزيز مجتمع المعلومات، وأيضاً التركيز على هدف مواصلة الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والمؤسسي وتطوير الأنظمة ذات العلاقة برفع الكفاءة وتحسين الأداء والعمل على ترسيخ مبدأ الشفافية والمسآلة ودعم مؤسسات المجتمع المدني.
وحول بروز الاهتمام بالمجتمع المعرفي في هذه الخطة ووضعه كهدف مستقل قال الدكتور بري مرحلة الاهتمام بالمجتمع المعرفي بدأت منذ فترة ولكن إعطاءها الأهمية كهدف مستقل هو من متطلبات المرحلة الحالية من عمر التنمية في المملكة.
ولعل من أهم نقاط التحول في سبيل تحقيق هذه الهدف هو إنشاء جامعة الملك عبد الله في ثول التي تعد جامعة علوم وتكنولوجيا في المقام الأول. وأتمنى أن أرى جميع الجامعات التي تنشأ حديثاً وتسير في نفس الاتجاه.
وما تحتاج إليه المملكة في الفترة الحاضرة والمستقبلية هو التركيز على التخصصات التي يحتاج إليها المجتمع وتعمل على توفير النمو للاقتصاد. ولفترة طويلة من الزمن ظلت جامعاتنا تركز على الكثير من التخصصات النظرية التي أنتجت البطالة ولم تساعد في توفير العنصر البشري اللازم لعملية التنمية.
وبهذا فإن المزيد من الانفاق على هذه التخصصات يعني أن القيمة المضافة للاقتصاد من كل ريال ينفق هي قيمة سالبة. فجامعة أم أي تي (MIT) تعد من أقدم الجامعات التي تخصصت في تطوير التكنولوجيا في الولايات المتحدة وانتشر على اثرها العديد من الجامعات ومراكز الأبحاث التي تعني بتحقيق نفس الهدف.
وما الذي يمنع من أن تكون لدينا جامعات متخصصة في حقل الطب فقط مع العلم بأن أعداد الأطباء السعوديين لا يتعدون 33%، فجامعة جون هوبكنز في الولاية المتحدة متخصصة فقط في الطب وهي من أعرق الجامعات العالمية في هذا المجال.
وحول شمول الخطة على تطوير قطاع الأعمال لرفع مساهمته بالناتج الوطني أوضح الدكتور بري أن الخطة ركزت على تطوير قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة وسن النظم والأطر التي تدعم نموه وتوفر له الرعاية، فهناك اقتصادات كبيرة تقوم على قطاع المنشآت المتوسطة والصغيرة.
ولعلنا نذكر أن ذلك من أهم مميزات الاقتصاد الألماني وهو من أكبر الاقتصادات في العالم. ونحن اهتممنا، في المملكة العربية السعودية، بقطاع الصناعات الثقيلة وسابك أحد أمثلة ذلك. والاهتمام بالصناعات المتوسطة والصغيرة سيفتح الباب لمزيد من استثمارات القطاع الخاص، حيث الفرص وعناصر الإنتاج وأيضاً حجم السوق والمقدرة على الإنجاز.
وفي معرض رده على جوانب الاختلاف والترابط التي حملتها خطط التنمية السابقة مع الحالية قال:
لكل واحدة من الخطط الثماني السابقة مميزاتها، كما لها عوامل مشتركة مع الخطط التي تليها. والترابط بينها أمر حتمي. ولا يمكن أن نتصور أن خطة معينة تختلف تماماً عن التي سبقتها، فهناك ثوابت سنجدها موجودة في كل خطة، وهناك استمرارية لبعض جوانب التنمية التي يمكن أن تستمر إلى الأبد.
فعلى سبيل المثال هناك الالتزام بتنمية المشاعر المقدسة والحفاظ على الثوابت الدينية وهناك التزام الدولة بتأمين التعليم والصحة لجميع المراحل فهذه من الأمور التي تتميز بالاستمرارية وتحتاج دائماً وأبداً إلى تطوير كقطاع التعليم وقطاع الصحة اللذين يجب أن يطوران مع تقدم التكنولوجيا وتطور طبيعة القطاع ونمط الحياة وأيضاً من حيث الكم، حيث النمو السكاني يجب أن يؤخذ في الاعتبار دائماً.
ولكن من الناحية الأخرى فإن خطط التنمية لا بد أن تتميز بالاختلاف عن بعضها البعض في جوانب معينة وذلك حسب المرحلة الزمنية التي يمر بها المجتمع من الناحية التنموية.
وعلى سبيل المثال هناك تركيز على بعض الجوانب التي قد تختلف من خطة إلى أخرى.
ففي المراحل الأولى من خطط التنمية نجد أن التركيز يتجه في الغالب على تنمية البنية التحتية.
وعن الطريقة التي تتم بها متابعة مراحل تنفيذ الخطة قال:
لعله من المفيد ذكر أن تنفيذ أي خطة يخضع لمتابعة دورية يقوم بها مجلس الوزراء وكذلك مجلس الشورى وهناك اطلاع على مراحل العمل ومقدار الإنجاز والعقبات والصعوبات والحلول التي يمكن أن تتبع لتنفيذها ضمن الإطار الزمني المقرر لها.
يذكر أن خطط التنمية الثماني التي انطلقت من العام 1970 م حققت نتائج قياسية، حيث ارتفع إجمالي الناتج المحلي من 21.7 مليار إلى 1785مليار ريال بنهاية العام 2008 فيما ارتفع نصيب الفرد من 25 ألف ريال إلى 97 ألف ريال بنهاية 2008 كما حقق الاقتصاد السعودي نسب نمو بلغ متوسطها على مدار خطط التنمية منذ بدايتها نسبة بلغت 11 بالمائة ووفرت ملايين الفرص الوظيفية، حيث يتخطى اليوم حجم القوى العاملة حاجز 3.7 مليون موظف وعامل بالقطاعين العام والخاص.