رغم مايعيشه العالم من تقدم مذهل على صعيد التشخيص الطبي وعلى صعيد السيطرة على كثيرمن المخاطرالمرضية التى تهدد حياة الانسان رغم كل ذلك إلا أننا نشهد وخصوصا في الآونة الأخيرة إرهابا طبيا يتمثل في ذلك التصاعد المتزايد
لمعدلات الأخطاء الطبية وعلى نحو مخيف بتنا جراءه نتحدث عن أرقام هائلة حول شيوع تلك الأخطاء التي أحيانا يدفع المرضى حياتهم ثمنا لها. الطب له دوره المحوري في حياة الإنسان وهو أحد الملاذات التى يهرع إليها البشر طلبا لما ينطوي عليه من أبعاد وقائية تسهم في تفادي الداء أوطلبا للترياق الذي يساعد الجسم على استعادة حيويته واسترجاع مافقده من رصيده الصحي.
هذه المكانة التي يحتلها الطب أخذت تسجل تراجعا لافتا للانتباه وذلك بفعل الممارسات الطبية التي هي بأمسّ الحاجة إلى أن تتطبب وإلى أن تبحث عن بواعث تجاوزها لأوجه القصورالمهني الذي يعتريها!. كثيرا ما تطل علينا الصحف معلنة أنباء مفجعة وكثيرا مايتداول الناس أخبارا مريعة أبطالها أولئك الأطباء الذين قد يصلحون لأي شيء إلا لمهنة الطب! حيث تجد الواحد منهم مهملا لايبالي بالمضاعفات المحتمل وقوعها ولايؤدي واجبه الطبي على الوجه المشروع ولايلتزم بأخلاقيات المهنة. ومن واقع التجربة الشخصية لعدد من رواد المستشفيات فقد وقفوا بأنفسهم على أطباء يتكبرون على المرضى ويحتقرونهم ولايبدون أي قدرمن التفاعل معهم. هناك من الأطباء من يقابل المرضى ببرود قاتل وعدم مبالاة، بل قد تجده يتجاذب أطراف الحديث وبلغة غيرمفهومة مع الممرضة الآسيوية ويقاسمها النكات - التي قد يكون محورها المريض ذاته! - دون مراعاة لمشاعره. هناك من يتذمر- بلسان حاله أومقاله وهو أيضا لايتكتم على ذلك التذمر بل يُشعرمريضه بذلك- من حديث المريض فلا يصيخ السمع وبرحابة صدرللمريض ليبث شكواه وإنما يستحث زائره على الاختصارالمخل طبعا هولا يفعل ذلك رغبة في استغلال الوقت لنفع أكبر عدد ممكن من الزوار وإنما رغبة في التخلص منهم في أسرع وقت متاح!.هناك من الأطباء(من: تبعيضية) من يتجاهل الالتزام بالاحتياطات والتدابيرالواقية الكفيلة بتقديم رعاية صحية سليمة ولذلك كم من مريض انبعث قاصدا المسشفى ولكن خرج منه محمولا إلى القبر.كم من مريض انطلق مستنجدا بالطبيب لمداواة قدمه إثرِ طفِيفِ أَلَمٍ ألمّ بها فإذا به وبعد فترة من ممارسة الذبح والسلخ والقصب!- كماهوالحال في تخصصي بريدة ولدي وثائق تثبت ذلك- يغادرالمشفى ممتطيا ذلك الكرسي المتحرك نتيجة فقده لكلتا قدميه. هناك من يختلف إلى الطبيب يروم استعادة عمق مستوى الرؤية في تلك العين التي انخفض سقف رؤيتها بفعل ما اعتراها من موجة الغبار وتذبذب أحوال الطقس فإذا به وبعد مدة من العبث الطبي يدخل في عداد العميان! هناك تلك الأم التى للتو وضعت مولودها الأول كحلم طالما داعب خيالها ولكن تلك النشوة لم يكتب لها الاستمرار حيث ودعته إلى غير رجعة فمغبة الإهمال وفوضوية الممرضات وضعت حدا لحياته وأسدلت الستارعليها فغيّبه الموت تاركا وراءه تلك الأم التي استبدت بها الصدمة فتسمرت في مكانها فعقدت الدهشة لسانها وجعلتها أشلاء روح هناك قصص مريرة ومآسٍ كارثية تحدث داخل ردهات المستشفيات. هناك جزارون بارعون في إلحاق الأصحاء بالمرضى، بل وإلحاق الأحياء بأعداد الأموات ولذلك فالمريض الآن بات عندما يشق طريقه نحوالمستشفى لإجراء عملية يحرص على توديع ذويه وتسطيروصيته ويمضي وهو واضع يده على قلبه إنه يدلف على الطبيب وهو يرتعد فرقا وذلك لشدة الخوف المصطخب داخل أحشائه ولاتعجب فهوعلى مفترق طرق!. حينما يقدرلك وتُجري عملية فلا تنسَ فوراستعادتك لوعيك - هذاعلى فرض تجاوزك لأخطاء التخدير- لاتنسَ أن تتفقد بطنك وتتلمس أحشاءك وتتحسس وزنك وتجري مسحا شاملا لأجهزتك الداخلية فلربما أن يكون ثمة مقص أوجوال أوساعة ثمينة كان الطبيب يزين بها معصمه، ربما يكون شيء من ذلك قد تبوأ مكانا قصيا في داخلك!. طبعا ومن باب الإنصاف لابد من الإشادة بثلة من الكوادرالطبية الذين يملكون المهارة العالية سواء في دقة التشخيص أوفى تحديد نوعية الدواء أوفي التعامل الراقي مع المواطنين أوفي التميز النوعي كما نلمسه من خلال عمليات وجراحات حصلت على أعلى درجات التميز كما نرى مثلا في فصل التوائم التى بطلها معالي وزيرالصحة الدكتورالرائع (عبدالله الربيعة) حفظه الله. الحديث بطبيعة الحال ليس عن تلك الفئة التي هي مبعث فخر واعتزاز لهذا الوطن وإنما هوعن تلك الفئة ذات التأهيل المنخفض والخبرة المتدنية تلك الفئة التي تخونها قدراتها ولايسعفها مستواها الطبي الهزيل لمباشرة الإجراءات الصحية على وجهها التام. إنه لابد من إعادة النظر في القطاع الصحي بشكل عام وتغطية القصورالحاصل فهناك مستشفيات لازالت تشكو من فقر مدقع في الأسِرّة وتعاني دائما من انقطاع التيارالكهربائي نتيجة لعدم تأمين مولدات احتياطية تضمن استمرارالتغذية الكهربائية وكذلك نتيجة لزيادة الأحمال ووصولها إلى أرقام تنوء بحملها الطاقة المتوفرة.مماينتج عنه تعطل الأجهزة الطبية وبالتالي تعريض المرضى للخطر. هناك وخصوصا في القرى النائية مستوصفات غيرمجهزة بالأساسيات فضلا عن أحدث الإمكانات التشخيصية والأدوات العلاجية.
أما المستوصفات الأهلية فحدث ولاحرج فالكثيرمنها تتفنن في طرق امتصاص جيوب المواطنين المغلوبين على أمرهم، وتستنزف أموالهم من خلال فرض رسوم عالية التكاليف لفتح الملف والعلاج، هذاالعلاج طبعا قائم على أولوية الفكرالتحصيلي المادي وليس الجودة وعمق فعالية الأداء الصحي. أما الطبيب الناجح عندهم فهو ذلك الذي يثقل كاهل المريض بأدوية باهظة الثمن من تلك الأدوية التي تضاءل حجم رواجها وليس ثمة من حل لمضاعفة واردات المستوصف من جهة ولتسويق تلك العقاقيرمن جهة أخرى إلا حل واحد وهو استغلال ضعف المريض وحاجته وقصف ظهره بالأسعارالتي يتقلب في لظاها. إنه ليس بوسعنا الإسهام في رفع جودة الرعاية الصحية والوقوف في وجه كارثة الأخطاء الطبية والتقليل من حجمها إلا من خلال عدة إجراءات من أهمها.
أولا: ضرورة التشهير بذلك الطبيب المتجاوز عبر وسائل الإعلام وعدم إتاحة الفرصة له لافتتاح عيادة خاصة به مع الغرامة المادية والإيقاف عن العمل والمتابعة اللصيقة له بعد عودته إلى سيرالعمل.
ثانيا: توثيق كافة الأخطاء كإعطاء الجرعات الخاطئة أوصرف أدوية منتهية الصلاحية ونحوها ومن ثم إجراء مسح استقصائي بغية تحديد البواعث المشتركة ليتسنى حينئذ وضع كافة اللوازم لتفادي الاصطدام بها ولتنقية الأجواء من عناصرها الملوثة.
ثالثا - تكوين المؤسسات المهنية القادرة على التعاطي مع تلك القضايا باحترافية فائقة يتسنى على أثرها تحجيم الإفرازات السالبة والتحسير من مرشحات ذيوعها وهذا مرتهن نجاحه بالوعي العميق بالظروف والملابسات التي تحيط بالخطأ والتي تعيد إنتاجه باستمرار.
Abdalla_2015@hotmail.com