ستكون أروع لقطة في موسم الكرة السعودية، تلك التي نقلتها شاشة مباراة الختام في الدوري السعودي للمحترفين الذي حقق بطولته الهلال برقم قياسي في نفس العام الذي توّج فيه بلقب فريق القرن الآسيوي لأول مرة في التاريخ الرياضي الآسيوي والسعودي.
اللقطة البديعة، تمثَّلت في تلويحة اللاعب السويدي الدولي ويلهامسون المرتدي لفانلة الهلال، يشكر مدرج الملعب المنهمك في التصفيق له تعبيراً ومؤازرة مملوءة بالود والتقدير اتجاهه، كتعبير تلقائي يرفع من معنوياته في تحمُّل ألم الإصابة.
ظل ملعب الكرة مصفقاً بهيبة تفيض بمشاعر إنسانية، تساند اللاعب السويدي في مصابه.. تؤكد له أن مدرج الملعب السعودي يفيض إنسانية وحضارية لا يمنع دفقها وإشهارها اختلافية اللون والدم والدين من أن تكون وسيلة تعبير وتجسيد موقف، وتأكيد حقيقة أخلاقيات ونوازع الإنسان السعودي العربي المسلم.. هذا الإنسان المملوء وعاؤه وإرثه الثقافي والمعرفي السلوكي بقيم ومبادئ تفيض إنسانية وحضارية ومحبة وسلاماً.
هز المشهد، المتابع.. واهتزت يد اللاعب السويدي من بين الألم وأنين مغالبته، تجبر نفسها على أن تلوّح بقدر ما تستطيع من جهد يغالب ألمه.. للمصفقين شكراً وعرفاناً، تزيد من دمعة عينيه الفرحة المؤكدة لمن يلومه على أن يلعب في بلاد وصفت ظلماً وجناية ببلاد الإسلام الإرهابي.. يؤكد المشهد المهيب أنه فعلاً متواجد بين ظهراني واحة السلام والمسالمة، والمحبة والتآلف، والإخاء والنقاء، ديار الإسلام النقي.
تحمل ناقلة الإسعاف اللاعب الدولي ويلهامسون، وقد انخلع كوع يده، يهرول المسعفون باتجاه سيارة الإسعاف.. فيما وقف المدرج، مواسياً، يدعم اللاعب الإنسان بكل ما يستطيع من تصفيق ودعاء ومشاعر نقية، تاركاً مواصلة متابعة المباراة.. لتنسل يد اللاعب بكل جهد وإصرار من بين حشد المسعفين.. تقابل حشود المشاعر الفياضة.. بتلويحة شكر، وتقدير، وحب.
في هذا المشهد.. ألف معنى ومعنى.. بل لعله يفيض بإسقاطات كبرى، تحتاج لوزارة من الإعلاميين يرصدون تجلي معانيها وتوظيف تجلياتها، وما تحمله من حقائق تلقائية الفعل والتفاعل.
سألتقط إحداها، تلك المتمثلة في سقوط ما يحرص عليه أصحاب المنهج الصفوي، وأيضاً أولئك التكفيريون، وكذلك الآخرون من آلة الصهيونية المعادين الكارهين لقيام نهضة عربية سعودية مسلمة.. هؤلاء جميعاً يجتمعون على هدف وغاية كبرى تسعى وتعمل على تشويه سمعة وقيمة ومكانة الإنسان والوطن السعودي، ثقافة وحضارة وسلوكاً ومبادئ وقيماً.
لذلك مثل هذه الحادثة الصادقة في لحظات تعبيراتها وتلقائيتها تهوي وتنسف تلك التشويهية التي دأبت على وصف الإنسان والمجتمع والثقافة السعودية بالإرهاب والإرهابية، وبكراهية الآخر، وتكفيره، وتمزيق حقوقه واعتباريته الإنسانية.. آخر ذلك الهلس والإرجاف وابتكار الأكاذيب.
عندما تعاطف ووقف مدرج الملعب السعودي مع ويلهامسون إنما يؤكد أن مخلوقات هذا المدرج هي نتاج ثقافة الوطن السعودي المملوء بقيم الإسلام المحمدي النقي، وبفروسية مكارم الأخلاق العربية الإنسانية العريقة.. لم تحرك مشاعره وشعوره وأفعاله وتصرفاته معايير الفرز العرقي والديني، ولا تسيّر قناعاته واختياراته ومبادراته.. ثقافة الكراهية وأدبيات محافل فكر الأحزمة الناسفة.
الله.. ما أروعها من حقيقة، وما أنصفها.. لم يهندس سيناريو أحداثها مهارة آلة مؤدلج، ولا جهود مخطط ومنسق ومرتب مخابراتي أو محفلجي أو دكان سينمائي..
الله.. ما أصدقها من دليل على حقيقة حضور ثقافة المحبة والإخاء الإنساني، واجتياحها في وجدان وضمير ووعي مدرج الرياضة السعودي، الذي هو نتاج مؤكد لحصانة وإدراك الإنسان السعودي بقيم ومبادئ ثقافته الحضارية النبيلة، تلك التي لا علاقة لها بتصرفات ونوازع حفنة قليلة من المرجفين والموتوترين الذين يحوّلون غاية الرياضة السامية إلى نوازع قبائلية الرياضة الممجوجة.
في المقابل..، أفرد الدكان الفضائي المؤجج للسطحية ترويج النزق التشجيعي وشجون الإعلام الأُمي، استنفر - الدكان البليد - جهده واجتهاده في إحدى حلقاته في ممارسة اللت والعجن ودحرجة كرة الخبث والفتنة والافتراء يلوّث بها ذهنية المشجع الكروي، عندما أراد أن يخلق قضية من لا شيء، تلك المتمثلة في انتهاز ما حدث في مطار الملك خالد بالرياض للاعب السويدي ويلهامسون المحترف في صفوف بطل الدوري السعودي الهلال المتوج وقتئذاك نادي القرن الآسيوي، وجعل منها قصة وموضوعاً أحاطه بالحوار والنقاش بين بشكة «المشجعين في برسيمة».. نالت من اللاعب افتراءً وكذباً وتشويهاً، وصل إلى درجة أن صاحب الثوب الأصفر أكد وجزم أن (الخواجة) قد اقترف الـ»بصق» مهيناً مسلماً ومتطاولاً على قامة وطن! في حث جهيد يسعى إلى (طرد) هذا الأجنبي المختلف عنا من بلاد جزيرة العرب السعودية.
ياللفارقية، المريبة.. بين تجاهل وتغييب أهم حدث إنساني في الدوري السعودي، وما بين حدث ثانوي، بعيد عن الملعب، ولا دخل للعبة به, في استغلالية ممقوتة، تنم عن ضعف في اقتدارية ونضوج ووعي الإعداد.. وهو ما أظنه.. وأن لا يكون نتيجة قصد واستقصاء يحقق غاية النهج الصفوي - إياه - أدركته الشاشة أم لم تفطن له.
حكاية ويلهامسون.. من فوائدها الإعلامية، أنها كشفت مستوى وحقيقة وعي ونضوج ونوايا دكان التأجيج والتكريه.. وملاحقة الهلال وأكل لحمه وفتات مائدة إنجازاته واتساع مدرجه.. الذي لا يمل من الازدياد بمقدار تمسكه بإصرار ووعي بقيمة وغاية رسالة الرياضة النظيفة، تلك التي أعانته طوال مشواره في أن تجعله أفضل أندية الوطن السعودي وأندية كرة آسيا.. ليس بالكلام وآليات الإعلام المدعوم والمدفوع، إنما بالسجل البطولاتي النقي، ذاك الذي لا يتم فيه تحقيق البطولة والكأس بالترشيح والتهويش، وبابتكار واختراع المنطقيات الكذوبة، وتزييف حقائق بطولات واختراعها.
افعلوا المقارنة بين حادثتي ويلهامسون.. وكيفية التعامل المهني الإعلامي معها في دكان نجيب البليد.. ستدهشكم محصلة التأمل والاستنتاج.. التي تنضح بحقل خصب للأمية الرياضية.. عدوة الرياضة النظيفة، تلك التي تنتجها وترعاها ما تطلق عليه باريرا أيزايخ المفكرة والباحثة الأمريكية الشهيرة بحراس (التفكير السلبي).. وعلى من يريد برهان هذا الأمر عليه تأمل ما يقدمه برنامج خط.. بط، خرابيط.. برابيط!!
حتى.. لا يكرهنا الآخرون
لست مغالياً حين أقول بأن ليس أسوأ من التصرف الأرعن لبعض جماهير الوصل الإماراتي إلا بعض الخطاب النصراوي الأهوج الذي انفجر في أعقاب المباراة مباشرة واستمرت شظاياه تملأ الفضاء الإعلامي حتى اللحظة والذي تبناه بعض المحسوبين على البيت النصراوي.
السطور السابقة جاءت ضمن مقالات الصحافة الرياضية السعودية المستقلة والمنتمية إلى الرياضة النظيفة، غير منساقة ولا مذعورة من حالة التأزم والتشنج والنزق التشجيعي السطحي والساذج الذي ملأ الساحة الإعلامية بفضل نفوذ وسطوة إعلام اللون الأصفر.
كاتب المقالة أحد أبرز كُتاب الجيل الجديد في الإعلام الرياضي السعودي الزميل محمد الشيخ الذي يؤكد من خلال تواجديته مع كوكبة ناضجة من جيل الإعلام الرياضي الجديد انفراج حالة فأل إيجابي بتواجد الإعلام الصحيح حضوراً وموقفاً وتأثيراً لكونه إعلاماً يعتمد على المعرفية والمهنية العلمية المتخصصة بديلاً ناسخاً وملغياً لهيمنة كوادر ومهنية إعلام الفراسة ومعايير التشجيع ونفوذ الشللية والانتمائية.
لا ينتظر الزميل الشيخ من أصحاب هذه الهوجة الجاهلية الإعلامية أية نفع وهم بهذه السطحية الفكرية والخواء الثقافي.. وهم من يفترض فيهم أنهم (حملة مشعل التنوير الرياضي) يقول الزميل محمد الشيخ: (الخطاب الذي قدمه أولئك الموتورون الذين ظنوا بأن كل أقنية الفضاء كتلك (الدكاكين) التي يبيعون فيها بضاعتهم الإعلامية الفاسدة قد أثر على مظلومية النصر، فذلك عطفاً على حالة الانقسام التي تبدت في الشارع الرياضي السعودي، إذ لم يظهر التعاطف الحار مع المشهد النصراوي حتى من جهة بعض المحسوبين على النصر.. على الرغم مما حمله ذلك المشهد من تراجيديا مفرغة في المأساوية.. والسبب يعود لتلك اللغة الهابطة التي حملت تخويناً لكل من هو غير نصراوي، فضلاً عن الدفاع الفج عن الموقف النصراوي، وهو ما جعل النصر يبدو كخصم للجميع.
في آخر مقالته أوصى الزميل الشيخ بمراجعة هذا الواقع المأزوم والذي يبدأ باختيار نوعية الممثلين للخطاب العقلاني الجديد، وبتبني المتعقلين والمتنورين، ونبذ المتخلفين الظلاميين، ولا بأس أن يتم تأسيس ذلك أرضية (موقعة زعبيل) فكم من ضارة صارت نافعة.
صدق الأمير النقي الأمير جلوي بن سعود عضو الشرف النصراوي الذي في ظني لو ترأس النصر هو أو من هو في صفاته لأصبح النصر النادي الجماهيري المحبوب الأول.. يقول الأمير وقد صدق: (إذا أراد النصراويون أن يكون لديهم نادٍ محترم يفوز بالرقي قبل البطولات فعليهم أن يبحثوا عن إعلاميين راقين في طرحهم وأخلاقهم.. بعدها ستجد البطولات تهل عليهم من كل حدب وصوب)..
أختم ما كتبه الأستاذ الكاتب والإعلامي المتميز عبد الكريم الجاسر حيث أورد في مقالة شجاعة ذات موقف وموضوعية كيف تم تصوير رحلة فريق النصر قبل سنوات إلى كازاخستان برحلة لا علاقة لها بكرة القدم وتحويلها إلى اختطاف وصفت برحلة الموت ليعود النصر من الملعب دون أن يلعب المباراة.. وانتهت أخيراً باعتباره فائزاً ومتأهلاً بدلاً من فريق إلمي الكازاخستاني.. هذا الوضع يحاول النصراويون الآن تكراره مع الوصل للحصول على نتيجة المباراة.. بعد أن فشل الفريق في الوصول بمستواه ومجهوده.. فتم حشد كل الجهود لقلب نتيجة المباراة من المكاتب.. وهو نفس السيناريو الذي نقل النصر إلى بطولة أندية العالم ممثلاً للأندية الآسيوية على حساب البطل الأحق.
يشير الكاتب في مقالته مثمّناً ألا تتدخل القرارات الإدارية في المنافسة (الرياضية) داخل الملاعب.. في تدخل سافر لا يمكن أن نقبله على أنفسنا لو حدث.. ويجب ألا نقبله لمصلحتنا مهما كان المبرر.
لم يخف الكاتب أن هذا الرأي سيغضب العاطفيين.. وما أكثرهم.. وأن كرة القدم وقوانينها يجب أن تكون بعيدة عن التدخلات والميول والمؤثرات والضغوط.
* الهوجة التي افتعل نحيبها ولجاجها الإعلام الأمي تشوه قيمة العقل السعودي وثقة الآخرين به.. بل لعله يدفع باقتدار أن يكرهنا الآخرون.. حينما يكتشفون أن لغة خطاب الإعلام الأصفر مملوءة بالسذاجة وأمية المعرفة بالقانون والمنطق ومكتنزة بالاستعلائية والتشجيعية الجاهلية.
* أستنكر البرغماتية الرخيصة التي يفعلها الزميل صالح الطريقي حتى قادته إلى استنتاج عجيب مريب يشحذ رضا ومباركة وتقدير من يقذف سنارته في نهر مغانمهم، فاستنتج حكمه وتفسيره وقراءته لمقال كتبته عن دكاكين الفضاء التي احتشدت في الفضاء المرئي يستخدمها المنهج الصفوي لتحقيق أجندته.
* وتمخض استنتاج الزميل الكريم فولد فأراً يومئ بأني أتهم برنامج خطة المخطط أنه ضمن هذا المنهج وأنه يمول من ملالي إيران..!
عجيبة هذه المخمخة غير الصائبة، والتي تؤكد حاجة الزميل إلى توسيع معارفه وانحيازه للمعرفية العلمية وامتلاك شروط استيعابيتها وإدراكها.. لكي يكون أكثر صدقاً وأمانة ووعياً في القول والنقل والنقد.
كم نصحت الزميل الذي عهدته نقياً مؤمناً برسالة الرياضة السامية أن لا يقع في فخ هذه البرامج المشبوهة.. ولن ألومه على اختياره المر.. أمام ما واجهه من مظلمة وتضييق في لقمة عيشه وعمله المهني.. التي سأظل مسانداً ومعاوناً له في رفضها ومواجهتها والتصدي لمن يقف خلفها لكوني أحد من يناله هذا التعسف.. ولذلك حكاية.. سوف تُروى.