القدر الإلهي هو أن تكون الرياض ضمن نطاق الأقاليم الجافة وتكون عاصمة لدولة هي قبلة للمسلمين وطموح للآخرين جاؤوا من أماكن بعيدة مدن نهرية وبحرية ومطرية لتحقيق ذواتهم وطموحهم الاقتصادي والنفسي والاستقراري ونشكر الله بما خصنا وحبانا، أيضاً قدر الرياض أن أحبها رجال في التاريخ ورجال في الحاضر وشخصيات عشقتها من بعد وآخرون أحبوا تفاصيلها حيث هي مزيج من الرمال والجبال والحافات ورسوبيات (نجد) التي ترتفع عند جبال السروات في الحجاز وهضاب المدينة المنورة وتنخفض بالتدرج باتجاه قوس رمال النفود الكبير والدهناء والثويرات وعريق البلدان والربع الخالي.
ومن أحبوها شخصيات على مر التاريخ البعيد زمن بني حنيفة في صدر الإسلام قيادات وزعامات أحبت الرياض حتى يبست عروقها حباً. وفي زماننا الحاضر شخصيات عديدة اختصرت في شخص الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير المنطقة الذي أحب الرياض بلا مقابل وبلا قيد أو شرط وبطواعية، حب مفتوح على أهلها وناسها وأوديتها وحافات وأقوز رمالها وحتى الغبار الذي يأتينا ولا حول لنا ولا قوة به يأتينا من صحراء إفريقيا الكبرى ومن صحراء العراق وصحاري آسيا الوسطى ومن الصين وإن كانت بعيدة أحب حتى غيماته... يأتينا الغبار وهذا قدرنا الجغرافي وإرادة الله أن تكون الرياض وتكون جميع بلادنا في مسار (سحب) وطود الرمال... فالأمير سلمان أمير هذه المنطقة والمدينة يحب الرياض منذ أن كانت نصفها مغمور بالطين ونصفها الآخر في الأسمنت منذ أن كانت أسواراً تتطوى على طرقاتها وأحيائها وأطرافها وكان الناس حينها غارقين بالريف والبادية والقرى الزراعية والهجر الصحراوية فقد تلازمه لدى سلمان حب الرياض وناسها وحب وأدي حنيفة الرمز التاريخي والشريان الجغرافي المتعرج في جغرافية الأرض والحفر الغائر في قلوب أهل الرياض لأن الوادي تاريخياً كان مصدراً للأمن رغم ما حدث من الغزاة الذين جاؤوا من الأقاصي البعيدة لتدمير عاصمة الدولة السعودية في عهدها الأول ومصدراً لمياه آبار الرياض حتى تم تحلية مياه البحر ومصدراً للجمال البيئي الذي لم نكتشفه حتى الآن لكنه أخاذ وجذاب لمن يأتي من بلاد الغابات وبلاد البحار والبلاد الرطبة... ففي إطلاق مشروع تطوير وادي حنيفة يوم الثلاثاء الماضي 21 ربيع الآخر 1431هـ الموافق 6 إبريل 2010م كان موعداً مع حلم الأمير سلمان الذي كان يراوده لأكثر من نصف قرن منذ أن كان سلمان يطل على الوادي من إحدى ضفتيه ويرى فيه حلماً وهدفاً لا بد من تحقيقه وهو تأهيل هذا الوادي الجاف الذي يفلق الرياض إلى هضبتين ويحدث انفطاراً لسطح الهضبة وأخدوداً غائراً في جوف الأرض ومنذ أن كان سلمان يرقب استنزاف المياه مياه السيول ومياه التسربات السطحية والمياه القابلة للمعالجة. دون الاستفادة منها في التدوير لتصبح مياه متجددة ودورة هيدرولوجية سطحية يعاد دفعها من جديد في وادي حنيفة ليصبح وادياً رطباً.
أذن حلم الأمير سلمان تشكل وبدأ بإذن الله يتحقق بتدشين المشروع على مسافة فاقت (80 ) كيلو متراً للعناية الدائمة بالموارد البيئية وتأهيل (40) وأدياً فرعياً رافداً تجاوز بعضها (35) كيلاً وإيجاد بحيرات على طول الوادي واعتبار الوادي ومحيطه محمية بيئية ومنطقة تطوير، وجعله الريف المفتوح لسكان الرياض. وإحداث قناة طولها 57كم دائمة الجريان، وطريق أسفلتي لحركة السيارات بطول (43كم) وممر للمشاة مساند طوله 47كم وجعل الوادي مصرفاً لمياه الأمطار والسيول وللمياه دائمة الجريان الواردة للوادي من عدة مصادر من المدينة لاستيعاب مياه المدينة التي تتحول مع الأمطار والتسربات إلى مستنقعات وبحيرات آسنة تهدد المدينة صحياً وبيئياً ومعمارياً.
حلم كل حاكم لمدينة أن يكون ما تحت سطح المدينة مماثلاً لما هو على سطحها من التنظيم والتأهيل. وحلم كل حاكم أن يخترق وسط مدينته ومنطقته نهر أو واد لأنه مصرف لها ومرطب لأجوائها وملطف ومتنزه لسكان المدينة والأمير سلمان حوَّل وادي حنيفة الجاف والمتكلس والمغبر بسبب حافاته الرسوبية إلى واد رطب ومشجر وعامر بأهله.