الجزيرة - الرياض
أجرت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، ضمن مشروعها لتأهيل البيئي لوادي حنيفة، عمليات تنظيف وردم لأكثر من 10 ملايين متر مربع، على طول نطاق العمل في المشروع الذي يمتد لأكثر من 80 كيلو مترا ابتداءً من شمال طريق العمارية، حتى الحاير جنوباً، وأزالت ضمنها أكثر من نصف مليون طن من النفايات ومخلفات البناء التي كانت تستوطن الوادي.
فخلال الفترات الماضية عانى وادي حنيفة من تدن كبير في مستواه الحضري، وانتشرت فيه العديد من الأنشطة والاستعمالات غير الملائمة لطبيعته، وتزامن حدوث ذلك مع الازدهار الحضري الذي شهدته مدينة الرياض خلال العقود الماضية، عندما واكب هذا النمو العمراني والاقتصادي المتسارع لمدينة الرياض، غياب للتنظيمات المناسبة لحماية الوادي، ونشوء ظواهر سلبية أخذت في التراكم على وادي حنيفة، تركزَت بشكل أكبر في الأجزاء المحاذية لعمران المدينة، وتمثّلت في عدة مظاهر، أبرزها: قيام أنشطة صناعية غيرت مناسيب الوادي، وأتلفت الغطاء النباتي للوادي، وأثرت على الحياة الفطرية فيه، كأنشطة الكسارات ونقل التربة، ومصانع الطوب والخرسانة الجاهزة والمعامل الخشبية ومحطات الوقود وورش السيارات والمدابغ والمسالخ، إلى جانب تراكم النفايات ومخلفات البناء بشكل كبير، مما تسبب في التأثير على جريان المياه وتكون المستنقعات في الوادي، واندثار الغطاء النباتي، وتناقص الأشجار المحلية، ونمو أشجار وحشائش غير ملائمة لبيئة الوادي، في الوقت الذي اختفت فيه أنواع كثيرة من الثدييات والزواحف والطيور التي كانت تستوطن الوادي.
كما عانت حينها أجزاءً كبيرة من الوادي من سوء توزيع شبكات المرافق العامة في بطن الوادي، بما فيها تمديدات الهاتف والكهرباء والطرق المعبدة، والتي كانت تخترق الوادي بشكل يؤثر سلباً على مظاهره الطبيعية وتوازنه البيئي، إلى جانب ما تعرضت له مجاري السيول وروافده من تضييق نتيجة زحف الملكيات الخاصة على بطن الوادي، الأمر الذي أدى إلى جريان السيول بسرعة أكبر وجرف كميات أكثر من التربة معها.
ونتيجة لذلك، تراجع المستوى الحضري للوادي وتدهور عمرانه التراثي والريفي، وتناقص النشاط الزراعي السائد في أرجائه، إلى جانب اختلال الميزان المائي في الوادي نتيجة استنزاف موارد المياه الأرضية من جهة، وتلوثها من جهة أخرى، وازدياد الملوثات العالقة في الهواء، لتساهم هذه الأوضاع جميعها في اختلال التوازن البيئي في الوادي حيث تغيير شكل الأرض كلياً في بعض الأودية الفرعية، حتى أصبح بعض أجزائها عبارة عن حفر واسعة مليئة بالمياه الآسنة، إضافة إلى تناقص البيئة الفطرية والحيوانية، الأمر الذي نجم عنه ضرر بالغ على بيئة الوادي وأدى إلى تغيير تكوينه الجغرافي الطبيعي، مما أنذر بحدوث مخاطر كبيرة عند جريان السيول.
وقد تمكن «مشروع التأهيل البيئي الشامل لوادي حنيفة» بفضل الله، من إزالة جميع المظاهر السلبية القائمة في الوادي، وإعادته إلى وضعه الطبيعي كمصرف لمياه الأمطار والسيول وللمياه دائمة الجريان الواردة إلى الوادي من عدة مصادر من المدينة، وجعل بيئته الطبيعية خالية من الملوثات والمعوقات, إضافة إلى إعادة تنسيق المرافق والخدمات القائمة في الوادي بما يتناسب مع بيئته، وتوظيف الوادي كإحدى المناطق المفتوحة المتاحة لسكان المدينة، الملائمة للتنزه الخلوي عبر تزويده بالطرق الملائمة والممرات وبعض التجهيزات الضرورية.