الكثير من رجال الأعمال وأعضاء مجالس الإدارة والإدارات التنفيذية يخلطون بين دور الجمعية العمومية، ومجلس الإدارة، والإدارة التنفيذية. بل يصعب على البعض تحديد الخطوط الفاصلة بين هذه الوحدات الثلاث، فتجد البعض من أعضاء مجلس الإدارة يتدخلون في صلاحيات ومهام الإدارة التنفيذية، وأحياناً تجدهم يتخلون عن مهام وأعمال هي من صميم أعمالهم، وفي المقابل تجد الإدارة التنفيذية تقوم ببعض الأعمال دون الرجوع لمجلس الإدارة، والتي هي من أعمال مجلس الإدارة، وهكذا، إذاً ما هو دور مجلس الإدارة في الشركات المساهمة، وما هي حدود صلاحياته ومسؤولياته، بحيث يضمن الجميع عدم التداخل والازدواجية.
قرأت عدداً من الكتب، والنشرات التعريفية لبعض الشركات التي تحدثت عن هذا الموضوع، وحدود الخطوط الفاصلة بين هذه الوحدات، بالإضافة إلى الاطلاع على المرجع الرسمي لهذه الأدوار، المتمثل بنظام الشركات الصادر عن وزارة التجارة، وهيئة سوق المال في المملكة العربية السعودية، وجميع ما هو موجود هنا وهناك لا يختلف كثيراً إن كان هناك اختلاف، لأن المسألة واضحة إلى حد ما. فمن المهم والضروري معرفة دور مجلس الإدارة بوضوح، فهو عين المساهمين، وهو من يمثلهم في إدارة الشركة، فهو يقع في قمة الهرم الإداري ويؤثر أداؤه بصورة مباشرة على كفاءة الشركة ومدى قدرتها على تحقيق أهدافها، مما يستلزم الحرص على ضرورة ضمان مستوى عال من الكفاءة والفاعلية للمجلس من خلال معرفة مهامه والقيام بها على أكمل وجه.
فدور المجلس يتلخص بشكل عام في ضمان استمرارية الشركة، وحماية أموال المساهمين، وضمان حصولهم على عائد على استثماراتهم بقدر الإمكان، ويتم ذلك من خلال وضع الخطوط العريضة للشركة المتوافقة مع لوائح وتعليمات الأنظمة المعمول بها في الدولة، ووضع الأهداف الإستراتيجية والخطط الإستراتيجية الكفيلة بتحقيقها، والمراقبة، والتقييم الدائم والمستمر أداء للشركة للتأكد من أن العمل يسير في الاتجاه الصحيح والخطط المرسومة، بالإضافة إلى المهام الرئيسة السابقة، يتعين على مجلس الإدارة اختيار إدارة تنفيذية قادرة على ترجمة تلك الأهداف والخطط الإستراتيجية، ووضع الخطط الفرعية، والسياسات، والإجراءات التي توجه أداء الشركة نحو تنفيذ الخطط الإستراتيجية، وتحقيق الأهداف المنشودة.
ولكن مع هذا قد تجد أن بعض مجالس الإدارة، أو أعضائه يخلط بين مهام المجلس ومهام الإدارة التنفيذية، وقد يكون هذا نتيجة بعض الأسباب، أن لا يكون مؤهلاً، لا من حيث الوقت أو من حيث المهارات المطلوبة، والتي تختلف طبيعة المهارات والمؤهلات من شركة إلى شركة حسب طبيعة وعمل الشركة، مما لا يمكنهم من فهم أدوارهم، وبالتالي أداء دور أكبر في تطوير الشركة، وقيادتها لتحقيق أهدافها المنشودة، فيتضاءل أو يغيب أحياناً دورهم في بعض الشركات المساهمة لعدم فهم الأدوار المطلوبة منهم أو غيره، ونتيجة ذلك قد تُسلم دفة القيادة إلى الإدارة التنفيذية بالكامل مما ينعكس لا محالة سلباً على أدائها وتطورها. أو التدخل في تفاصيل التفاصيل، وتتجاوز بذلك الإدارة التنفيذية، وتشغل نفسها بما هو أهم، مما يربك العمل، وينعكس سلبياً على الشركة.
والواجب أن تقوم الشركات المساهمة بتحديد الصلاحيات بمختلف أنواعها، صلاحيات التوظيف، الصلاحيات البنكية والمالية، الصلاحيات الاستثمارية، وغيرها من الصلاحيات والمسؤوليات المختلفة، لكل من مجلس الإدارة، والإدارة التنفيذية، واللجان المنبثقة عن المجلس إن وجدت، ويكون ذلك في بداية عمل مجالس الإدارة أو الإدارة التنفيذية، بحيث يطلع الجميع عليها من خلال حلقات تدريبية قصيرة، أو ورش عمل لتتضح الرؤية للجميع، وتضمن الشركة عدم التداخل والازدواجية في المسؤوليات والصلاحيات، ليعمل كل ضمن صلاحياته ومسؤولياته، والذي بدوره يعود على الشركة والجميع بالنفع والفائدة، فتتحقق أهداف الشركة المنشودة، وتنجز مشروعاتها التطويرية ضمن خططها الإستراتيجية.
* alaidda@hotmail.com