استبشرالعراقيـــون ومحبوهــم، بنـــجاح الانتخابات البرلمانية، وهللوا للفوز الذي حققه البديل الوطني الديمقراطي الذي أشعل الأمل لدى أهل العراق الأصليين بأن ينظفوا بلادهم من المحتلين والغرباء الذين قدموا مع المحتلين، إلا أن تعطيل تشكيل الحكومة العراقية، ومحاولات العودة إلى التحالفات الطائفية والإبقاء على أسلوب الخصخصة والتقاسم الطائفي أعاد التشاؤم مرة أخرى، وقد عزز هذا الاتجاه التفجيرات الإرهابية التي شهدتها بغداد وبعض المدن العراقية قلص موجات التفاؤل.
فالتفجيرات الإرهابية التي تمت بعد تهديدات أطلقها رئيس الحكومة الحالية نوري المالكي طالباً تنفيذ اشتراطات محددة خاصة بإعادة الفرز، ومن ثم إشهار سلاح (المساءلة ولا عدالة) لسلب رموز وطنية المقاعد التي فازوا بها، واستمرار تعطيل تشكيل الحكومة القادمة حتى يتم ترتيب الأوراق والأوضاع لإعادة (العجلة) إلى المربع الأول في العراق، والذي سادت فيه ثقافة الطائفية السياسية، واعتمد فيه نهج المخاصصة وتقاسم المغانم بين الجماعات التي ساندت وشاركت في احتلال العراق، وحصل من قدّم أكبر دعم للمحتلين وأكثر عمالة لهم على نصيب أوفر من السلطة والقوة والمال، وهكذا حصلت الأحزاب الطائفية الشيعية والأحزاب الكردية التي شاركت في الاحتلال ومهدت للغزو بتقديم المعلومات والمليشيات التي شاركت في تخريب ونهب مؤسسات الدولة لتنفيذ مخططات الاحتلال بتوظيف (الفوضى الخلاقة) حتى يتسنى بناء العراق الجديد بحكامه المتعاونين.. الذي صاغه المحتلون ومن جاءوا معهم على شكل عراق طائفي.. سلطاته موزعة على الطائفتين والقومية الكردية، وأن يكون حظ مساندي الاحتلال أكثر وأكبر.
وبمساعدة قوات الاحتلال التي كانت تهيمن سياسياً وأمنياً، وإيران التي كانت أكثر المستفيدين في العراق الجديد، حقق المتعاونون مع الاحتلال نتائج جيدة مكنتهم من الاستيلاء على السلطة مما دفعهم إلى تنفيذ مشروعهم الطائفي، وشهد كثير من المحافظات، وبالذات الجنوبية وأحياء من بغداد، عمليات فصل طائفي ووصل في أوقات كثيرة إلى تنفيذ عمليات قتل على الهوية.
ذلك ما مكن أصحاب المشروع الطائفي في حكم العراق طوال السبع سنوات الماضية، وعندما تنبه العراقيون واكتشفوا مدى خطورة التخندق الطائفي وسيطرة غير العراقيين على قرارهم، انتفضوا في الانتخابات الأخيرة واختاروا المشروع الوطني نابذين المشروع الطائفي، ورغم كل محاولات مواجهة المشروع الوطني، إلا أن النتائج كانت معبرة لإرادة العراقيين رغم كل محاولات التزوير والاعتراض التي يقودها من يرأس حكومة العراق، ولما فشلت كل المحاولات لجأوا إلى أسلوبهم القديم، أسلوب إرهاب العراقيين وتخويفهم بالتفجيرات والعمليات الارهابية الموجهة ضد مكون واحد ساند المشروع الوطني.
jaser@al-jazirah.com.sa