في عام 1916م أعلن القائد البريطاني الجنرال مود مخاطباً الشعب العراقي «لقد جئتكم محرراً لا فاتحاً» بعدها بدأت أول ثورة عربية في المنطقة تقوم ضد الاحتلال ما سمي بـ(ثورة العشرين) التي كبدت المحتل خسائر فادحة رغم بساطتها وعفويتها.
مس بل أو الخاتون بل، صاحبة الدور الحاسم والمهم في تاريخ العراق أعقاب الحرب العالمية الأولى، حيث استمالة عدد من شيوخ القبائل لجانب الحكومة البريطانية، وتعبئة عواطف العرب ضد الأتراك، فقد بدأت رحلتها في تنصيب الملوك واختيار الوزراء وتقسم الأرزاق، وأصبح كسب رضاها وثقتها هدفاً لكثير من الطامعين في المناصب. ومن يعاديها حتى لو كان من بني جلدتها فمصيره النفي أو النقل.
بعد اتفاق سايكي- بيكو وفي ظل أجواء متشابكة قُدر لاثنين أن يلعبا دوراً مهماً وحاسماً في تقرير مصير العراق والمنطقة، لرسم حدوده ورسم خارطة الحكم بالشكل المناسب، وهما السير بيرسي كوكس وجير ترود بيل.
أصبح الاتجاه واضحا لقيام نظام ملكي في العراق كان هناك مرشحون كثر ولكن أبرزهم: عبدالرحمن النقيب، وهو أول من شكل حكومة بعد الحرب وطالب النقيب، أبرز زعماء البصرة و أكثرهم نفوذاً، وهادي باشا العمري أحد زعماء مدينة الموصل، ووالي بشت كومة الإيراني كما رشح أيضاً الآغا خان لعرش العراق.
في مؤتمر القاهرة قرر اختيار الملك فيصل الأول بدعم من السيدة (خاتون بل)، وتم قيام الدولة مع حضور كوكبة من الذين شاركوا في ثورة العشرين حيث الغبار العالق بعباءاتهم من الحروب التي خاضوها ضد الاحتلال البريطاني، وقادة من العسكر والساسة البريطانين الذي عرفوا المنطقة وحان الوقت لقيام دولة ونظام حكم يلائم طبيعة المنطقة والمرحلة بواجهة وطنية.
بعد وصول حزب البعث إلى السلطة، والفضائع التي فعلوها بنظام الحكم في العراق، وصل شخص إلى السلطة: اسمه صدام حسين، الذي كان في الحرب العراقية- الإيرانية يظهر بصورة من يدافع عن الإقليم في وجه أحلام الخميني بـ»تصدير الثورة».
(عندي صداع اسمه أحمد الجلبي خلصيني منه)، هذا ما قاله صدام حسين إلى إحدى عميلاته، وأعطاها الخطة. من هو أحمد الجلبي؟
صاحب الحلم أي حلم ؟ إسقاط حزب البعث والتربع على عرش العراق حتى ولو بدبابة أمريكية يقودها ضابط إيراني.
أحمد الجلبي رئيس «المؤتمر الوطني العراقي» الذي انغمس بالعمل في أميركا والذي جمع المعارضتين الشيعية والكردية تحت سقف واحد لإقناع الولايات المحتدة الأمريكية بأنه البديل لصدام ونظامه.
ساهمت التوترات بين النظام العراقي وفرق التفتيش الدولية في تسهيل مهمة الجلبي. وتولت ماكينة إعلامية هائلة تصوير صدام كأنه الخطر الكبير على الإقليم والعالم، حتى جاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وكانت الخنجر الذي طعن نظام صدام حسين في خاصرته، وأصبح هناك سبب لإسقاط النظام.
1995م اختلف الجلبي مع سي آي أي CIA، فذهب إلى معهد المقاربات الأمريكية، معقل المحافظين الجدد،THINK TANK. حتى وصلوه إلى مجلس الشيوخ الأمريكي وشاشات التلفاز الأمريكية ليطالب بإسقاط النظام. وصدر القرار في مجلس الشيخ أكتوبر 1998م.
2003م، قامر جورج دبليو بوش بحرب العراق، وأصبح مستنقعاً للصراعات في العالم، بعد سقوط بغداد، بل وصراعات السياسات الأمريكية بجميع أطيافها، وإخرج صدام من تلك الحفرة وأعدم في يوم عيد الأضحى.
حتى اليوم والعراق يهرول مكانه لم يتقدم أي خطوة بعد سلبه ونهب نفطه من قبل أطراف عدة أولها حقل الفكة الذي كان يسرق من قبل إيران. والساسة العراقيون يجاملون أطرافا على حساب العراق وشعب العراق.
كل ما حصل لا يحتاج إلى تلك السيناروهات والراويات، لأن إسقاط نظام مثل العراق يحتاج إلى تفكير عميق، لأن عواقبه وخيمة والرئيس كلنتون الذي أرسل الطيارات بعد قرار مجلس الشيوخ والضغط عليه عن طريق فضيحة مونيكا لوينسكي، أرسل الطائرات إلى العراق ولم يعطِ الأوامر بالتفجير.