كنت عند زيارتي لصالة معهد العاصمة النموذجي التي أطلق عليها فيما بعد اسم الأمير فيصل بن فهد بعد وفاته يرحمه الله تقديرا لجهوده ولكونه أحد خريجي المعهد، أشعر بأن هناك ما يربطني بها، ولم يخطر ببالي أن أكون في الأعوام الثلاثة عشر الأخيرة من عملي في التربية والتعليم مسؤولا عن إدارتها. لقد تحقق لهذه الصالة من وزارة التربية والتعليم الكثير من الدعم تمثل في المسؤولين بالمعهد فقد أعطى من عملت تحت إدارتهم لهذا المكان حقه.. منهم د. عبد الله المعيلي مدير عام تعليم منطقة الرياض سابقا، الدكتور إبراهيم القريشي الذي تسلم مهام إدارة المعهد في فترة إدارته الأولى، ثم مرحلة إدارة الأستاذ إبراهيم القصير التي انتقل إلى منصب آخر عودا إلى إدارة الدكتور القريشي الحالية الذي أضفى بتوجيهاته واهتمامه تطويرا للصالة تمثل في تهيئة قاعتين لمعارض الفنون البصرية التشكيلية والتصوير الفوتوغرافي والخط العربي وإنشاء مراسم وقاعة محاضرات (تنتظر التفعيل والدعم المادي لاستقطاب المواهب) تحولت الصالة بهذه الإنجازات إلى (مركز الأمير فيصل بن فهد للفنون الجميلة) هذا المركز ومنذ تأسيسه عام 1405هـ استقبل ما يزيد على المائة والأربعين معرضا من مختلف القطاعات من داخل المملكة وخارجها معارض عالمية وعربية.
لقد عشت وعايشت ازدهار هذا المعلم الثقافي وفي مقدمته احتضانه للجمعية السعودية للفنون التشكيلية، جمع فيها بين فكرة تأسيسه للفن التشكيلي من جانب معهد العاصمة قبل ربع قرن وبين هذه الجمعية الوليدة التي تعنى بهذا الفن وكأن هناك موعدا بينهم، مع ما أعيشه حاليا من لحظات اختتام عملي الرسمي خلال أشهر قليلة مع ما بقي لي من ممارسة مهام عملي نائبا لرئيس مجلس إدارة الجمعية التي يقع مقرها بالدور الأول من المركز، تتيح لي زيارته كل مساء ضيفا على مستضيف كريم.
لقد كان لي شرف الخدمة في قطاع التعليم سبعة وثلاثين عاما، معلما للتربية الفنية.. ثم مشرفا للنشاط بمعهد العاصمة.. إلا أن عملي مديرا لمركز الأمير فيصل بن فهد له وقعه في النفس، أسعى لتأهيل وجداني وعقلي للحظة وداعه، نتيجة ما أبقاه هذا المكان من حب جارف وخصوصية واثر وتأثير، جعلني اشعر أنني أودع شخصا غاليا يبادلني المشاعر ويحمل لي أكثر مما احمله له، إن للمكان عاطفة مهما كان صامتا من حجر أو أسمنت أو تراب، فكيف إذا كان يحمل اسم رجل لا تنسى مواقفه لكل أبناء الوطن رياضة وثقافة ومنها الفن التشكيلي الذي وصل إلى العالمية، وكيف لا يكون له اثر وهو يذكرني بعبارة ممزوجة بالتفاؤل من سموه -يرحمه الله- وقت افتتاحه لأحد المعارض في هذه الصالة عندما سألته عن نظرته لمستقبل الفن التشكيلي قائلا: (سترى ما يسرك بإذن الله) وقد تحقق بدعمه واهتمامه ورعايته الكثير، إضافة إلى ما تبع ذلك من وزارة الثقافة والإعلام من اهتمام وتشريف من معالي الدكتور عبد العزيز خوجه وافتتاحه معرض الفن السعودي المعاصر بالمركز، وباهتمام من وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية السابق الدكتور عبد العزيز السبيل الذي أضفى نشاطا وحيوية للمركز بتوجيهه بأن يقام فيه جزء من معارض الوكالة، وما يجده المركز حاليا من رعاية وتنشيط من قبل الدكتور عبد الله الجاسر وكيل الوزارة للشؤون الثقافية المكلف، كما لا أنسى ما تلقاه المركز من إشادات ممن تشرفت المعارض المقامة فيه بافتتاحهم لها من أمراء ووزراء ووكلاء وزارة ومديري إدارات وسفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي للكثير من الدول الصديقة التي أقامت لها معارض بالمركز ومن مختلف زواره.
مع ما أبقاه هذا المكان من ذكريات لمعارض رواد الفن الأحياء منهم والراحلين ولفنانين من مختلف الأجيال.
ولا أنسى قبل أن أختم هذا التوديع، أن أشكر الأستاذ خالد المالك رئيس تحرير هذه الجريدة الذي منح الفن التشكيلي بشكل عام مساحة من الكرم المعهود منه ومنها رعايته الإعلامية لكل مناسبات مركز الأمير فيصل للفنون، مما كان له أثره الكبير على المعارض والفنانين.
موجها رسالة من التشكيليين أعلم أنها محل تقدير أخي الدكتور إبراهيم القريشي مدير عام معهد العاصمة أن يستمر في دعمه واهتمامه لهذا المركز الذي أصبح مصدر جذب وتقدير واعتزاز للاسم والمسمى، معتذرا عن أي تقصير لكل زميل أو مسؤول تعاونا معاً عند إقامتهم معرضا بهذا المركز. مختتما بعبارة مشوبة بغصة (مركز الأمير فيصل بن فهد للفنون أستودعك الله).
monif@hotmail.com