Al Jazirah NewsPaper Wednesday  31/03/2010 G Issue 13698
الاربعاء 15 ربيع الثاني 1431   العدد  13698
 
كانكون ترسم خارطة الطريق لمستقبل الطاقة
محمد سليمان العنقري

 

اجتماع كانكون (المنتجع المكسيكي المميز) للدول المنتجة والمستهلكة سيشكل نقطة تحول حقيقية في مستقبل الطاقة، ففيه ستقر توصيات اللجنة العليا التي انبثقت عن مؤتمر لندن من العام 2008 التي ستضع نظاما متكاملا لعمل منتدى الطاقة الدولي الذي سيكون نقطة التقاء المنتجين والمستهلكين بشكل فاعل بعد أن حددت معالم الفترة السابقة منظمة أوبك كممثل رئيس للدول المنتجة الأبرز، وإن لم تضمهم جميعهم بينما تضم وكالة الطاقة الدولية كبار المستهلكين، حيث لعب التحدي بين الطرفين دورا بارزا في تحديد معالم سوق النفط، لكن تطور الاقتصاد العالمي ودخول مستهلكين كبار جدد كالصين والهند والبرازيل وغيرها من الدول شكل نقطة منافسة مع الاقتصاديات الكبرى كأمريكا وأوروبا بشكل عام فغيّر من واقع الطلب على الطاقة عموماً والنفط خصوصاً.

وإذا كانت باريس الرحم الذي خرج منه منطق الحوار بين طرفي السوق وأسس منتدى الطاقة الدولي على ضوئه فإن حتمية التعاون الدولي في مجال الحفاظ على الطاقة كداعم لاستقرار الاقتصاد العالمي هو ما شكل القناعة لدى الجميع بأن التوافق الدولي على حق كل طرف في الاستفادة من الطاقة بشكل إيجابي.

ولقد دفعت المملكة العربية السعودية التي طالما شكلت الداعم الحقيقي لاستقرار أسواق النفط بهذا المنتدى إلى أن يكون منبرا حقيقيا ومطبخا لمستقبل الطاقة من خلال استضافتها لمقره الدائم بالمؤتمر الذي عقد بالرياض عام 2000 بعد إعلان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عن استعداد المملكة استضافة المقر وتحملها لتكاليف إنشائه وهو ما تحقق العام 2005، معبرا بذلك عن دور المملكة التي تسعى لأن تكون الطاقة عامل دعم للاقتصاد العالمي وليس سلعة تحركها أهواء المضاربين بدرجة أولى، فهي الدم الذي يتغذى عليه العالم وبالتالي لا بد وأن يحكم أسعار النفط أساسيات السوق وليس المؤثرات التي لا تعكس مستوى الطلب العالمي وتحقق المصالح الضيقة للسماسرة وتعود بالضرر على كل الأطراف.

لكن ما يجب قراءته اليوم هو أن العالم بدا يتجه للتكاتف في قضاياه الأساسية فبعد نشوب الأزمة المالية العالمية ووصول تداعياتها إلى كافة الدول انبرت الدول الكبرى لخلق الأجواء التي تسمح بالحوار الدولي فكان الاتجاه لإحياء دور مجموعة العشرين التي تشكل أكثر من 80 في المائة من اقتصاد العالم حيث أصبحت هذه المجموعة هي التي يعول عليها في رسم الخطط الأساسية التي تعيد للاقتصاد العالمي حيويته من خلال الأخذ بآراء الجميع دون وضع اعتبارات أحجام اقتصاديات الدول كأساس كما كان يحدث في مجموعة السبع الكبار، فقد ثبت أن التعاون الدولي هو الحل لأن العالم أصبح منفتحاً على بعضه أكثر من أي وقت مضى، واليوم يأتي تكاتف الدول بمعزل عن دورها في سوق الطاقة التي تعتبر ركيزة النهضة العالمية لبناء البيت الذي يتقرر فيه كل ما يهم العالم حول مستقبل الطاقة ونقصد به منتدى الطاقة الدولي، ولقد لعبت عوامل التواصل والحوار البناء بين كل الأطراف في استقرار أسعار النفط خلال الأشهر الماضية بين 70 إلى 80 دولارا على اعتبار أن الجميع يراها مناسبة وتحقق مصالح الطرفين وبالتالي فإن النجاح القادم للحفاظ على الأسعار المناسبة يحتاج إلى تواصل مستمر وشفافية مطلقة حول حجم السوق واحتياجاته وكذلك حجم الاحتياطيات وكل ما يخص الطاقة من معلومات وأيضا بحث أوجه الطاقة الأخرى سواء المتجددة أو الوقود الحيوي وغيرها والارتقاء إلى مستوى من التعاون يساعد على الاستفادة من كل ما هو ممكن لتمكين العالم من الحصول على حقه بالطاقة وإبعاد أسواقها عن أي تجاذبات تؤثر سلبا أيا كان نوعها مع توفير كل الإمكانات الفنية والتكنولوجية لجميع الدول، وهذا ما سينجم عن منتدى الطاقة الدولي عندما يبدأ مسيرة عمله بعد أن ينجز ميثاقه وتحدد أطر عمله ليكون موازيا لما هو موجود من وكالات حاليا ومن هنا يمكننا القول أن كانكون ستسجل في التاريخ كمنعطف حقيقي ليس في تاريخ أسواق النفط والطاقة عموما، بل في النظرة العالمية التي تكاملت تجاه مستقبل البشرية في طاقتها التي تعيش عليها ولتثبت أن لغة الحوار وتحمل المسؤوليات لا يأتي إلا من خلال التعاون المشترك وليس من خلال العمل المنفرد لكل طرف.














 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد