لا يستطيع أحدٌ أن ينكر إنجازات دبي الاقتصادية وقدرتها على استثمار المعطيات لتحقيق هذه الإنجازات، وحسب اعتقادي أن ما حصل في دبي هو استثمار أقصى للفرص المتاحة والقوى الكامنة في الإمارة بروح تجاوزت التحفظ إلى التحدي، ولولا هذه الروح ما كان هذا الإنجاز زمن الاستقرار الاقتصادي في التسعينات ومن الانتعاش المتنامي الذي تلاه في أوائل القرن الحالي حتى كارثة إفلاس ليمانز برذرز أواخر عام 2008م.العارفون بعلم الاقتصاد والمال يعرفون أن الدين (بالدال المفتوحة) يشكل وقود النمو بشرط تناسب مدة الدين مع مدة المشاريع التي يمولها هذه الدين من حيث التطوير والتسويق، فإذا كان المشروع يستغرق مدة 7 سنوات، كما هو وضع المشاريع العقارية العملاقة من حيث التخطيط والتطوير والتسويق فإن المطور يحتاج لتمويل رأسمالي طويل الأجل توفر الأسواق المالية من خلال صيغة السندات، والعارفون بالأوضاع المالية القائمة في ظل الأزمة المالية الطاحنة يعرفون أن التمويل أصبح نادراً وللحصول عليه أصبحت الشروط أكثر تشدداً.
في دبي وشقيقاتها الرياض والكويت تعثرت بعض الشركات عن سداد التزاماتها تجاه الدائنين، كما نجحت أخرى في السداد في الوقت المحدد دون تأخير، وكما هو معروف الناس لا تنجذب ولا ترى إلا التعثر ما يجعل وسائل الإعلام تركز عليه بالخبر والتحليل والتشخيص والتداعيات وتنسى النجاحات رغم ما لذلك من آثار سلبية على البيئة التي تنشط بها وهي بلداننا، التي نسأل الله أن تجتاز الأزمة المالية الحالية بأقل الأضرار الممكنة على اعتبار ألا أحد لن يتضرر مهما كانت سياساته المالية فاعلة ومتحفظة.
أعتقد أن أي تعثر في أي من مدن وعواصم الخليج العربي ستعود بالأثر السلبي على الجميع، كما أن أي نجاح في السداد دون تأخير سيعود علينا بالأثر الإيجابي، فالممولون الكبار في الدول الغربية ينظرون لنا كمنظومة تتجه لتوحيد العملة بعد أن أطلقت السوق الخليجية المشتركة قبل أكثر من عام وإن رأى بعضنا خلاف ذلك وكما أن الأقربين أولى بالمعروف فإن الأقربين الأكثر تضرراً من أي مشكلة تنال قريباً لهم وبالتالي فنحن في قارب واحد علينا أن نسعى جميعاً أن نحافظ على معدلات إبحاره فضلاً عن منعه من الغرق.
نحمد الله على ما حققته بعض الشركات الخليجية من إنجازات في تجاوز آثار الأزمة المالية، كما نسأل الله أن يكلل جهود من تعثر بالنجاح والنهوض من كبوته ليعود إلى حلبة السباق وكلنا آمل بقدرة إمارة دبي وما تملكه من مؤسسات على تجاوز مشكلة ديون دبي القابضة فالإمارة فتية وإدارتها قوية وكفى بالمرء أن تعد مساوئه إذ لم تشهد منطقتنا الخليجية سوى تعثرات محدودة تعد على أصابع اليد الواحدة مقابل إفلاسات بالآلاف وصلت للحكومات فضلاً عن الآلاف من الشركات التي قامت بإعادة هيكلة ديونها في مناطق أخرى إلا أنها مناطق تسيطر على الآلة الإعلامية العالمية الأقوى التي ترى الغذاة في عين الآخر ولا ترى الجذع معترضاً في عينها.
alakil@hotmail.com