شهدت مدينة الرياض نشاطاً ثقافياً مميزاً في فترة زمنية قصيرة، ابتداءً بمعرض الكتاب الذي حفل بكم كبير من العناوين المميزة التي تسابق على اقتنائها زواره من الرجال والنساء، وعلى خلاف السابق فتح المجال فيه للعوائل فكانت فرصة للرجال والنساء والأطفال للتعرّف إلى الجديد في عالم المعرفة واقتناء المناسب لكل أسرة.
كما تميّز المعرض بهامش كبير من الحرية دون تدخل من الرقيب، وهي حسنة كبرى تجير لمعالي الوزير الدكتور عبد العزيز خوجة.
وأعقب المعرض نشاط آخر هو مهرجان التراث والثقافة (الجنادرية) الذي كان مسرحاً لنشاط فكري شارك فيه أعلام من الشرق والغرب طرحوا أفكاراً وقدَّموا حوارات راقية وتعرّف المشاركون من الضيوف على واقع المملكة فكراً وثقافةً عن قرب، ولا شك أن المشاركين من المملكة استفادوا من الضيوف كما استفاد الضيوف منهم.
وخلال تلك الفترة المميزة بروح الثقافة والعلم أثبتت المملكة ريادة في المجال العلمي والثقافي وقدَّمت عاصمتها صورة مشرقة للوضع العلمي فيها. وإذا تجاوزنا المعرض والمهرجان فسوف نجد من خلال استعراض وسائل الإعلام انعقاد ندوات علمية وثقافية أخرى مشكلة إضافة أخرى ذات قيمة علمية مؤثّرة.
إن الحضور الثقافي القوي الذي شهدته مدينة الرياض يستدعي التفكير في نقل جوانب منه في مدن أخرى من المملكة ليكون لكل أرجاء الوطن نصيبه في هذه الاحتفاليات التي تنعش روح العلم وتساعد على التعريف بمنجزات المملكة وما تعيشه من انفتاح كبير على ثقافات العالم وتؤكد على أنها دولة لا تنام على النفط ولا تركن إلى المادة وحدها، بل إنها دولة علم وثقافة لا تقل عن أي دولة عربية أخرى إن لم تكن الأبرز والأكثر نشاطاً.
لعلنا في عام قادم نشهد هذا النشاط الذي مضى يعم مناطق أخرى تشتاق إلى ما كانت عليه الرياض في الفترة المنصرمة، وهي أمنية قد تتحقق بالجهود الصادقة والعمل المنظم.
وسنظل نترقب قدوم العام القادم لنعيش من جديد نحن في الرياض وفي مدن سعودية أخرى التفاعل الثقافي الكبير على نحو أفضل وأكثر تنظيماً، فالثقافة هي الروح التي تساند التقدم والانتقال إلى عالم الحضارة الإنسانية بآفاقها الواسعة الرحبة.