Al Jazirah NewsPaper Wednesday  31/03/2010 G Issue 13698
الاربعاء 15 ربيع الثاني 1431   العدد  13698
 
ايقاعات
فوضى الفتاوى.. وفوضى الفهم!
تركي العسيري

 

يبدو لي أن قدرنا كمسلمين ولدتنا أمهاتنا في هذا الزمن, أن نعيش لنرى ونسمع (فحيح) الفتاوى العجيبة, التي يطوح بها كل من أراد أن يشتهر وتتداول اسمه الألسن ووسائل الإعلام المختلفة, فمن فتاوى (سيد القمني) وبناء كعبة في سيناء, مروراً بفتاوى (جمال البنا) عن القبلة المباحة, وجواز التدخين في رمضان, وانتهاء بفتوى (البراك) وتكفير من يقول بالاختلاط, (والأحمد) وفتواه الغرائيبية عن هدم الحرم وبناء برج بديل لمنع الاختلاط بين الرجال والنساء عند أداء المناسك! وأظن أن «شوقي», لو عاش إلى زمننا لاستبدل (آية) هذا الزمان - في بيته الشهير- عوضاً عن (الصحف) ب»الفتاوى الغريبة»:

(لكل زمان مضى آية ... وآية هذا الزمان الصحف)!!

لقد استسهل (الكل) الفتوى, بحيث أصبح يطلقها كل من هب ودب من أنصاف الفقهاء, و»المتفيقهين», والمعلمين, أئمة المساجد, وخطباء الجمعة, والذين لا يتورعون في التحريم والتكفير والتفسيق, ودون أن يرف لهم جفن!

لن أناقش فتاوى (القمني والبنا), ولا فتاوى (البراك والأحمد), فقد كفانا الرد عليهم, علماء أجلاء نثق بهم وبعلمهم, ولكنني أريد أن أشير إلى أن (الفتيا), علم صعب قائم بذاته, ولا يخوض غماره إلا الراسخون في العلم الديني والدنيوي, وهو مع ذلك علم له أدواته من دراسة وتحليل واستنباط وقياس وتتبع الدليل الراجح الذي لا لبس فيه ولا إغواء, ويشترط أن يكون المشتغل بالفتوى من المشهود لهم بالعلم والصلاح, وبالنزاهة ورجاحة العقل, وسلامة الطوية, والبُعد عن الأهواء.

هي ذي الفتيا التي نعرفها, أما ما يطلقه «مفتو الفضائيات», وبعض أئمة المساجد والوعاظ وخطباء الجمع وهم في غالبيتهم من المشتغلين بالتدريس, فهي فتاوى لا يعتد بها, وفيها (تشويش) على الناس, وجرأة غير محمودة, من هنا كان لزاماً علينا، بل ينبغي أن يُحاسب كل من أصدر فتوى من غير ذي مسؤولية واختصاص, وبذلك نغلق باب الفتاوى «الغرائيبية» التي تطالعنا صباح مساء, ومن طلاب علم غير مؤهلين لإصدار الفتاوى.

وما لم نسع إلى ذلك.. فإن علينا أن نتوقع خروج الكثير من الفتاوى الغريبة التي تساهم في شق صف المسلمين, وتُوجد الفرقة والبغضاء بينهم.

إن العالم الإسلامي وهو يواجه تحديات كثيرة, في حاجة إلى إيجاد مؤسسات فاعلة تساهم في إبراز الوجه الحقيقي للإسلام ببعده الحضاري, والوسطي, والتنويري.. بدلاً من تركه تحت رحمة مفاهيم خاطئة, يغذيها الباحثون عن الشهرة ولفت الأنظار لا غير.؟!



alassery@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد