إن كنت ممن يعشقون السفر فذلك جميل لما للسفر من فوائد خمس أو سبع كما قالت العرب: (ولك أن تضيف كما تهوى..)، ويزداد ذلك العشق عند البعض حينما يكون السفر براً، وسأستعير صحبة ماجدٍ (وهي إحدى فوائد السفر)؛ لأجعل منه الطريق كخير رفيق، أما وإن صحبت ذلك الماجد فسيعتريك الامتعاض من حالته حتى لو شيّد حديثا أو مازال، فوجه ذلك يتجلى في أن عمليات التجميل تجرى قبل أن يُستكمل المشروع، مما يعنى أن رحلتك ستكون محفوفة بالمخاطر وبالتالي لن تتحقق الفائدة الأخرى للسفر وهي انفراج الهم والغم بل سيلازمانك طوال سفرك وستعد رحلتك ك(قطعة من العذاب..)، فلو قُدر لك أن تنتهي رحلتك وأنت مازلت على قيد الحياة فقد كُتِب لك عمراً جديداً.
مستخدمو الطرق يلاحظون أن طرقاتنا تكثر بها الحفر والتشققات وتطاير الطبقة السطحية، رغم أنه لم يمض على سفلتة بعضها سوى أشهر أو قل أيام، فتصبح حالته كطريق ترابي وعر أو أشد سوءاً، وستكون من المحظوظين (وهم قليل) إن لم تصادفك إحدى السيارات العابرة لتمطر زجاجك الأمامي بوابل من الرمل والحصى متعدد المقاسات والأحجام، ولو نظرت في حينها إلى وجهك بالمرآة فسيعطيك انطباعاً بأن نهاية العالم سوف تكون غداً.
يؤكد الخبراء أن المعايير الدولية تشير إلى أن عمر الطريق الافتراضي مقدّر بعشر سنوات، مع أخذ كل طريق حالة بحالة، كما يوضع في الحسبان عامل زيادة الحركة المرورية وعددها ونوعية وثقل المركبات المصرح لها. ولذلك فالكثير منا يتساءل حول أسباب سرعة تهالك طرقنا المنجزة حديثاً، وتدهور طبقاتها.
هنا يجب أن نشير إلى الآثار التي تخلفها الطرق، سيئة التنفيذ التي تودي بحياة العديد أو تؤدي إلى الإعاقة الدائمة فتتكون بذلك المآسي نتيجة للحوادث المروعة التي تكلف الكثير للدولة والمواطن، كما أن عامل الخطورة يكمن أيضاً في أن مشاريع الطرق تحتوي على عدد من التحويلات بسبب أعمال الصيانة وإنشاء تحويلات للكباري والجسور أو مشروع سكة الحديد، وبذلك فإن مرتادي الطريق يتوجسون خيفة من مفاجآت الطريق ولسان الحال عبر عنه الشاعر العربي بقوله:
إن العذاب قطعة من السفر يا رب فاردد لي إلى ربق الحضر
فإن كنت من مستخدمي تلك الطرق بشكل متكرر فأدعو الله لك السلامة والحفظ من كل مكروه، كما يجب عليك أن تضع كلتا يديك على قلبك و(بطنك) طوال الرحلة فالحكمة تقول: الموت في حوادث الطرق لا دخل لأي جهة به؛ لأنه قضاء وقدر.
كثيراً ما نسمع أن الطرق التي نفذت قديماً بواسطة الشركات الأجنبية قد عمَرت طويلاً لجودة التنفيذ التي شيدت بها، (وهذا الحكم) يرد كثيراً على ألسنة العامة، من هنا يبرز السؤال: هل أصبح مقاولو الطرق الأجانب يخلطون (أسفلتنا) المنتَج من بلادنا بطريقة أفضل من مقاولينا (أبناء الوطن)، والسؤال يبقى: هل لنا بخطوة جريئة لكي لا يسهم هؤلاء بتشويه الوجه المشرق لشبكة الطرق العملاقة وسلبها دورها التنموي والحضاري.