المدينة المنورة خاص بـ (الجزيرة)
حذر مدير عام فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بمنطقة المدينة المنورة الدكتور محمد الأمين بن خطري أحمد الطالب من دعاة الزيغ والضلال والشبهات الذين يحاولون نشر بعض المفاهيم الخاطئة، بل والتشكيك في بعض الأحكام الشرعية،حاثاً الدعاة إلى الله بأنْ يبينوا للناس الحق، وأنْ يربطوا الناس بالعلم الشرعي وبالعلماء الربانيين الذين ينتهجون منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام وما عليه سلف هذه الأمة.
وقال: إنّ هناك دعاة إلى الخير وهناك دعاة إلى الباطل من شياطين الجن والإنس، حكمة من الله سبحانه وتعالى وابتلاء وامتحاناً للعباد منذ بدء الخليقة إلى آخر الدنيا، والصراع مستمر بين الحق والباطل وبين الدعاة إلى الخير والدعاة إلى الشر، والله سبحانه وتعالى أثنى على الدعاة إلى الله، قال تعالى {وَمَنْ أَحْسَنُ قَولا مِمَّنْ دَعَا إلى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ المُسْلِمِينَ وَلا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ }، فأخبر أنّ الدعاة إلى الله هم أحسن الناس قولاً، وأيضاً وصف الدعاة بأنهم يعملون بما يدعون الناس إليه.
وشدد فضيلته على أهمية أن يتسم الخطاب الدعوي بالوضوح والسهولة التي تبعده عن التشدد والتنطع، فلن يُشاد الدين أحد إلاّ غلبه، وكذلك لابد وأنْ يكون تجديد الخطاب الدعوي معتنياً ببيان ثوابت الدين ومقوماته لأنّها أساس لدعوته، كذلك يجب على الداعية عدم تقنيط الناس من رحمة الله لأنّ الله وصف نبيه بأنّه رحمة للعالمين، والحق وسط بين الغالي والجافي، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}.
جاء ذلك في سياق حديث فضيلته مع « الجزيرة « بمناسبة افتتاح خمسة مكاتب تعاونية للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بمنطقة المدينة المنورة ليصل عددها إلى (21) مكتباً تعاونياً حتى الربع الأول من العام الجاري 1431هـ.
وأكد الدكتور الخطري أن الداعية إلى الله تعالى هو ركن (الدعوة إلى الله) الذي لا تقوم إلا به، مبيناً أن الدعوة إلى الله تعني طلب الدخول في دين الله ، ولذلك أرسل الله سبحانه وتعالى الرسل يدعون الناس إلى الخير، والشياطين تدعوهم إلى الشر {وَاللهُ يَدْعُو إلى الجَنَّةِ وَالمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}، فالله يدعو عباده إلى أنْ يعبدوه ويتوبوا إليه ويستغفروه، وأرسل الرسل يدعون الناس إلى ذلك، وكلّف العلماء ورثة الأنبياء بالدعوة إليه سبحانه وتعالى من أجل مصلحة العباد ومن أجل منفعتهم، فالدعوة إلى الله قائمة منذ حصل ما حصل بين آدم وعدوه الشيطان، وعندما توعد الشيطان بإغواء بني آدم من استطاع منهم وإضلالهم، قال تعالى {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}.
وأبان الدكتور الخطري أن الدعوة إلى الله مطلوبة وهي تتنوع بحسب الحاجة، فلابد من الدعوة إلى الله، فهي وظيفة الأنبياء والمرسلين وأتباعهم من العلماء المخلصين إلى أنْ تقوم الساعة، ولا يجوز تركها، يقول الله في مدح هذه الأمة: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ آخرجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ}، ويقول تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ}، فوظيفة هذه الأمة هي الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، والله سبحانه وتعالى أمر نبيه بالدعوة إلى الله، مستعرضاً بعض الصفات التي يجب على الداعية أن يتحلى بها، منها التجرد وإخلاص النية لله، والتسلح بالعلم الشرعي، ومعرفة فضل وأهمية الدعوة، والصبر الجميل، والتحلي بالخلق الحسن، والاتصاف بالحكمة والحنكة.
وأوضح فضيلته أن من يحمل الدعوة في قلبه لابد أنْ يتمثلها أولاً واقعاً مطبقاً في أفعاله وأقواله، لأنّ ذلك أدعى لقبول الناس لدعوته، فالداعية يجب أنْ يكون أول من يمتثل بما يدعو إليه من الطاعة والعبادة، حتى يكون قدوة صالحة حتى تصدق أقواله أعماله، ولأنّ المسلمين عندما نشروا الإسلام تمثلوه في معاملاتهم وأخلاقهم وعباداتهم، فدخل أناس كثر للإسلام بسبب تطبيق المسلمين لدينهم على أنفسهم أولاً.
وحول ما يواجهه الداعية من مشكلات اجتماعية وأخلاقية وفكرية، أجاب فضيلته أنه مما لاشك فيه أنّ مجتمعنا يؤثر ويتأثر بمن حوله من الأمم والثقافات، وما يحدث في أقصى المشرق أو المغرب قد يؤثر في واقع مجتمعاتنا، لكن لابد على الداعية أنْ يتلمس مشاكل من حوله وأنْ يسعى في إيجاد الحلول العملية والسليمة لإنهاء جميع مشاكله والأخذ بأيدي الناس لما فيه صلاح دينهم ودنياهم، لأنّ الناس يعقدون آمالاً عريضة على دعاتها وطلبة العلم لأنهم مشاعل نور وهداية.
وفي السياق ذاته، قال الدكتور الخطري: إنّ من نعم الله على هذه البلاد المباركة أنْ رعت حكومته الدعوة إلى الله، وجعلت لها وزارة تعنى بها، وقد حرصت هذه الوزارة المباركة على إيصال الدعوة إلى جميع أرجاء هذه المعمورة فتم بحمد الله فتح العديد من مراكز الدعوة والإرشاد، ثم تم بعدها فتح مكاتب تعاونية للدعوة إلى الله في جميع المحافظات والمراكز، ولذلك حرصت هذه المراكز والمكاتب على إيصال الخير إلى جميع شرائح المجتمع وأفراده سواءً كانوا مواطنين أو مقيمين وبجميع وسائل الدعوة إلى الله من (محاضرات، وندوات، ودروس ودورات، ومخيمات، وملتقيات للشباب)، وحرصت على أنْ يكون العمل التطوعي لخدمة الدعوة مفتوحاً للجميع وبجميع الوسائل المشروعة وبالدعم الكامل مادياً ومعنوياً.
وأبان أن عدد الدعاة إلى الله المصرح لهم بلغ (120) داعية من الرجال، واثنتين من النساء في جميع محافظات ومراكز المنطقة المحتاجة لهؤلاء الدعاة، كما قام الفرع بتنسيق وتنظيم ما لا يقل عن (454.929) برنامجاً دعوياً ما بين محاضرات ودروس وكلمات ودورات علمية ومخيمات دعوية وملتقيات شبابية ورحلات حج وعمرة وجولات دعوية.
وفي ختام حديثه، قال الدكتور الخطري: إن الآمال والطموح بإذن الله تعالى كبيرة ببذل المزيد من أجل الرقي بالعمل الدعوي المنشود في مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم ومنطلق الدعوة، لتكون كما كانت عليه بإذن الله، ونحن حريصون على إيصال الدعوة إلى جميع أفراد هذا المجتمع المبارك.