إن خوفي على ثقافة أطفالنا هو خوف معلن غير مبطن، لأنه لا يوجد لدينا نتاج ثقافي خاص بالطفل شؤونه وشجونه، إذ لا تصدر لدينا مطبوعات ولا توجد مسارح للطفل ولا برامج إذاعية أو تلفزيونية ولا إنتاج لأفلام رسوم متحركة ولا تجمعات مدنية تعنى بالجانب الثقافي للطفل إلا اللمم اليسير الذي بالكاد يرى، إن التواصل الحقيقي بين من يكتبون للطفل والمؤسسات المعنية بثقافته غير موجود، وإن وجد هذا التواصل فهو مجرد إشارات ثقافية غير مؤثّرة وغير واضحة، إن الأسباب كثيرة ومتشعبة ولا أريد طرحها أو مناقشتها في هذا المقال، إن ثقافة الطفل تعد ثقافة ريادية وإن تجاربها التوجيهية يجب أن تفعّل وفق أشواط كبيرة ومهمة وضمن مهام عدة من التغيير والإضافة والتنوير، وعلينا ألا نجعل الوردة تذبل وتخبو الحماسة ونخسر ثقافة الطفل، فالأعمال المطلوبة القادمة للطفل يجب أن تكون ذات نمط إبداعي في الأسلوب والكتابة والنظم وفق رؤية فنية ابتكارية حديثة مقارنة مع ما ينتج للطفل في دول العالم المتقدم، إن عدم وجود دور نشر مختصة تحتضن ثقافة الطفل بعيداً عن العقلية التجارية في التعامل مع مطبوعات الأطفال على أنها مشاريع مربحة وبناءة من شأنها أن تخرج الطفل من الواقع الذي يعيشه وتعمل على حمايته من الإصدارات التي تصلنا من الخارج بثقافتها البعيدة عن واقعنا الديني والاجتماعي والتراثي، إن الثقافة الجديدة للطفل التي أطالب بها يفترض أن تنهض بالطفل وفق موجهات ثقافية يتوجب على دور النشر وأصحاب الفكر إيجاد خطوط توفيقية لخطاب الطفل تقترب إلى العالمية ليعتاد الطفل على ذلك الفكر الجديد ويظل محافظاً في الوقت نفسه على هويته المحلية والاجتماعية، إنه من الخطورة أن لا تتحمّل دور النشر والمؤسسات التعليمية والثقافية مسؤوليتها تجاه الطفل، إذ يفترض أن تقيم صلة بين الطفل وعالمه اليومي ومجتمعه وثقافته بدلاً من المعلومة التي تصب في فكره وفي مخيلته دون نتاج يذكر. إن على المعنيين أن يبنوا للطفل صرحاً من المعلومة الحديثة والذكية والسهلة في التقبّل والاستيعاب، وينبغي عليهم أيضاً حماية الطفل فكرياًَ وعقلياً وفنياً وذلك بحماية النصوص المطروحة له وتأطيرها بحدود غير كبيرة ولا تشبه الأشباح، إن استمرار المؤسسات الثقافية بإحاطة الطفل بسور شائك يعني نسف مواهبه وإشعاره بالعجز عن الابتكار والإبداع والحوار، إنني أدعو إلى مساندة الطفل ولفت الأنظار إليه وبخاصة الذين يملكون الخبرة والممارسة في هذا المنوال وذلك بتأسيس صرح معرفي له إستراتيجيات وأساسات متينة وقوية ترفع من ثقافة الطفل ضمن جودة عالية ليس لها ضعف ولها وهج، لأن الطفل حصرياً يحتاج منا جميعاً إلى وقفة تضامن أدبية وإنسانية تنقذه من الفراغ الروحي والفكري الذي يحيط به ويسوره.
ramadan.alanazi@aliaf.com