لم يعد مهرجان التراث والثقافة (الجنادرية) حدث ثقافي محلي فهو بكل جدارة حدث ثقافي عالمي، فبعد أن أكمل ربع قرن من العطاء والإسهام الثقافي والفكري الذي أثرى الذاكرة الوطنية من خلال تقديم المخزون التراثي والفكري والثقافي السعودي المتعدد والمتنوع حافظ على هذا التراث وتوثيقه وإعادته إلى ذاكرة العصر وجعله معاشاً من قبل أبناء المملكة بكل أقاليمها الممتدة من شمال الجزيرة العربية إلى جنوبها ومن شرقها لغربها، وكون الجزيرة العربية موئل العرب والجذر الذي يؤصل الانتماء العربي والإسلامي فإن الحفاظ على هذا التراث وتقديمه في قالب عصري هو محافظة على التراث العربي والإسلامي، وهذا ما جعل كل العرب والمسلمين يهتمون بأسابيع التراث والثقافة التي تحتفي بها المملكة العربية السعودية سنوياً مما يجعل من الجنادرية مهرجاناً عربياً وإسلامياً مثلما هو مهرجان يجسد وحدة السعوديين.
هذا المهرجان الفكري والتراثي والثقافي الذي تخطى المحلية والإقليمية بدأ يأخذ مكانته ضمن الأجندة العالمية للمهرجانات الفكرية والثقافية المميزة، والآن وهو يتهيأ لولوج السنة الخامسة والعشرين متخطياً ربع قرن من العطاء، يواصل بناءه الفكري التراكمي على مستوى الفكر العالمي إذ أخذت مساحات الإسهام في الفكر العالمي تتسع وتزيد عاماً بعد عام، فقد لاحظ متابعوه تزايد مشاركة مفكرين وعلماء من مختلف الدول متنوعي الطرح والفكر وفي هذا العام ومع التوجه الذي يرعاه الملك الإصلاحي عبدالله بن عبدالعزيز بزيادة مساحات الانفتاح على الآخر، وفتح نوافذ متعددة مع حضارات وثقافات الآخرين، نسعد بتواجد مفكرين من روسيا وفرنسا بالإضافة إلى خيرة التنويريين من المغرب ولبنان والعراق إضافة إلى مفكرينا السعوديين، وهو ما سيدفع جهود الانفتاح والإصلاح الثقافي الذي سيتعزز بارتفاع سقف النقاش في مثل هذه الحوارات الفكرية، والذي سيؤكد بأن المملكة العربية السعودية والسعوديين يعيشون مرحلة تحول إيجابي لا بد وأن تثري الحركة الفكرية العربية والإسلامية.
jaser@al-jazirah.com.sa