انطلق الحرسُ الوطني وفق استراتيجية إنشائه كدرع واق يحمي أمن الوطن إلا أنه تجاوز هذه المهمة مع حفاظه على تطورها، ومن يرى واقع الحرس الوطني في وقتنا الحاضر سيجد أنه أمام مؤسسة حضارية تسابق أهدافها من خلال الإنجاز المتميز.
ومن الشواهد التي يتضح معها المعنى في هذا ما تم إنشاؤه من مستشفيات ومراكز للعناية الطبية، وكذلك مواقع الاسكان المتعددة التي تتواجد في كل منطقة يتواجد فيها عدد من منسوبي الحرس الوطني.
كما أخذ الحرس الوطني بالجانب الذي يعوض عددا من منسوبيه من الناحية التعليمية والثقافية فهيّأ لهم المدارس، واستمر في تصاعد حتى تم إنشاء عدد من الكليات، ومن بينها كلية الطب الى جانب عدد من البعثات خارج المملكة (في أمريكا وأوروبا)، فضلا عن دعوته لانعقاد المؤتمر الطبي السعودي الثامن في العام 1983 - 1984م، وقد بلغ عدد الحضور ثلاثة آلاف وخمسمائة اخصائي من دول العالم المختلفة، وعقد خلال هذه الفترة جلسات للمراجعة والدراسة في مجالي الطب والجراحة، واستمر انعقاده لمدة أربعة أيام.
وقد حرص الحرس الوطني على دور الريادة في أمراض وجراحة الكبد، فابتعث بعضا من منسوبيه الى أمريكا وكندا، فعادوا ليتم بذلك إنشاء وحدة لزراعة وأمراض الكبد، الى جانب الدور الريادي الذي تبوأته المملكة العربية السعودية في هذا المجال حيث تم زراعة الكبد لعدد من المرضى في المملكة العربية السعودية، وكللت - ولله الحمد بنجاح تام.
كما أنشأ الحرس الوطني أول مركز لتحضير الأمصال الواقية من مخاطر لدغة الثعابين أو العقارب، وتكبد القائمون على هذا المركز عناءً وجهداً أثمر - بحمد الله - عن تقلص المصابين باللدغات، وأصبح من يقصد النزهة في الصحراء يحرص على أن يكون المصل معه، وكانت المملكة تستورد المصل من فرنسا ومصر، والآن أصبحت تصدره الى دول الخليج ودول أخرى.
ومنذ ما يزيد على عشرين عاماً قررت قيادة الحرس الوطني أن تتبنى إحياء التراث الذي يعانق الأدب والثقافة المعاصرة من خلال مهرجان الجنادرية الذي ينعقد سنوياً بحضور عدد من أدباء ومفكري الأمتين الإسلامية والعربية.
ويحرص المهرجان على دعوة عدد من رموز الفكر والأدب في عالمنا المعاصر، وبعض من قادة الدول، وبهذا اصبح نافذة يطل من خلالها كمؤسسة حضارية، ويشهد بذلك ما جاء على لسان حضور هذا المهرجان.
هذا بعض من كل يؤكد ان الانطلاقة في أهدافها تتعدد وتصيغ صرحا حضاريا لا يقف عند المهمة الأساس كدرع أمن ووقاية، فهو من خلال ما سبق الاشارة إليه توسع وحقق من النجاح الكثير.
ومن المؤكد أن طموح القيادة ومتابعتها لجديد العصركان دافعاً لمثل هذا العطاء دون أن نهمل الاهتمام بما تأكد من التراث في أصله ومنافعه.
دعاءٌ إلى الله أن يوفق قيادته ويمدهم بكل الأسباب التي بها يتحقق النجاح والتوفيق.