Al Jazirah NewsPaper Tuesday  16/03/2010 G Issue 13683
الثلاثاء 30 ربيع الأول 1431   العدد  13683
 

دفق قلم
الأمن الفكري
عبدالرحمن صالح العشماوي

 

للأمن الفكري مكانته الخاصة عند الأمم جميعها، قديمها وجديدها، لأنه أساس مهم من الأسس التي يقوم عليها الأمن بمعناه الكلي، بل ربما كانت أهميته تالية للأمن العقدي، الذي لا تستقر النفس البشرية إلا به، مهما توافرت لها عوامل الاستقرار المادي الدنيوي.

إن الذين يقوضون كيان الأمن الفكري بما يثيرون من الشبه وينشرون من الأباطيل لا يقلون جرماً عن الذين يقتلون ويسرقون وينهبون، ويروعون الناس الآمنين المطمئنين، ذلك لأن تقويض الأمن الفكري يغرس في عقول الناس من الشبهات والأوهام ما يحرمهم من الاستقرار الروحي والنفسي، ومن الاطمئنان الذي تجد به النفس البشرية هدوءها وراحتها وصفاءها. وعند ذلك يحصل الانحراف الفكري الذي يسوق إلى انحراف خلقي وسلوكي تعاني منه المجتمعات البشرية.

هنا تبرز خطورة التهاون بالأمن الفكري حينما يتعرض لهجمات الغلو والتطرف بأشكاله المختلفة، سواء أكان غلواً في الدين وتنطعاً في تعاليمه، أم كان غلواً في محاربة الدين ومصادمته، ومخالفة تعاليمه.

ولعل إنشاء كرسي الأمير نايف للأمن الفكري في جامعة الملك سعود ما يحدد معالم هذه القضية من خلال البحوث والدراسات وفي عدد من الاستبانات الدقيقة التي تحدّد المعنى الصحيح للأمن الفكري، والأسباب الصحيحة لتحقيقه وحمايته.

ونحن على يقين من أن التدين الصحيح، والالتزام الحقيقي بتعاليم الإسلام، والعلاقة الوثيقة بالقرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، هي الأسس المتينة التي يقوم عليها كيان الأمن الفكري، ويستمد منها قوته واتزانه وثباته ولذلك وجب علينا أن نحافظ على هذه الأسس، ونجعل منها قاعدة ننطلق منها إلى بناء عقول واعية، ونفوس مطمئنة وقلوب سليمة تخفق بحب الخير للناس جميعاً.

إن الدراسات المتعلقة بالجوانب الروحية والنفسية والفكرية في العالم كله تؤكد أن الاستقرار النفسي شديد الارتباط بالأمن الفكري، وأن التدين الصحيح هو الطريق الأمثل لتحقيق الاستقرار النفسي الذي يصبح به الإنسان سوياً في تفكيره، وسلوكه وعلاقاته بالآخرين.

وإذا أراد المجتمع تحقيق (الأمن الفكري) فإن عليه أن يزيح من طريقه السدود والشوائب التي تعوق مسيرته، كالغلو في الدين الذي يسوق غالباً إلى التكفير والتنفير من المجتمع وكالغلو في محاربة الدين وأهله، والمبالغة في التهاون به وإهمال تعاليمه، وتشويه معالمه، التي تسوق إلى نشر الحقد والكراهية في المجتمع، لأنها تصادم فطرة الناس التي فطروا عليها.

إن العمل المنتظر من كرسي الأمير نايف للأمن الفكري، عمل كبير، لأنه يقوم على دراسات علمية دقيقة، تعتمد على البحث الميداني، والأساليب العلمية التي تساعد على إيجاد الحلول الصحيحة للمشكلات، وإصدار الأحكام المناسبة لمعالجتها، وهذا ما يجعلنا نستحث خطى القائمين على هذا الكرسي المبارك ليضعوا النقاط على الحروف في هذه المسألة المهمة، باذلين لهم من الدعاء بالتوفيق والسداد ما نرجو أن يكون له أثر كبير في تحقيق المراد.

إشارة:

جمع الخير الذي ننشده

في هدى الله ونهج المصطفى


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد