البدائع - صالح الحامد
ينطلق العم أبو صالح مع غروب شمس كل يوم انتهت ساعاته معلناً عودته لمقاعد الدراسة الليلية متناسياً عمره الذي تخطّى السادسة والستين، غير مهتم بالمسافات التي يقطعها (70 كم جنوب محافظة البدائع ذهاباً وإياباً) غير مبالٍ بالأدوار الثلاثة التي يصعد سلّمها كل ليلة ليصل إلى مقعده الدراسي في الصف الأول المتوسط. وعن هدفه من العودة للدراسة قال: إنه لا يطلب الشهادات، وإنما أراد أن يبتعد عن المجالس التي لا تخلو من القيل والقال والغيبة والنميمة إلى مقاعد الدرس ليستفيد شيئاً من أمور دينه ودنياه، ولا يرضى الجلوس بغير المقاعد المتقدمة والقريبة من المعلم، وأضاف: إنني بعودتي هذه أحببت تشجيع ابني الذي يدرس في الصف الأول الثانوي في نفس المدرسة، وقد أظهرت نتائج (العم أبو صالح) بعد نهاية الفصل الدراسي الأول تقديرات ممتازة تدل على أنه جنى ثمار همّته العالية وكفاحه المستمر, ولكنه يتمنى إبعاد لغة (الإنجليز) فلا حيلة له معها.
وعند سؤال وكيل مدرسة خلاد بن السائب الليلية في محافظة البدائع عن انضباط ومواظبة الطالب: محمد صالح الحربي (العم أبو صالح)، ذكر: أنه منذ بدء العام الدراسي حتى اليوم لم يسجّل عليه أي تأخر أو غياب بدون عذر، بل إنه من أوائل الطلاب حضوراً وآخرهم انصرافاً، ولديه انتماء قوي لمدرسته ومحبة لمعلميه، بل إنه يرفض وصفه ب(الشايب)، ويحق له ذلك فهو أفضل بكثير من الشباب الموجودين معه في المدرسة، وتعتزم إدارة المدرسة بعد نتائج الفصل الدراسي الأول تكريم الطلاب المتفوقين، ويأتي على رأس القائمة الطالب النجيب (العم أبو صالح).