أعجب كثيراً ممن يتعجب أن من بين الارهابيين من حملة الشهادات العليا أو الاكاديميين -إن صح التعبير- وذلك لأنني أدرك تماماً أن الشهادة لا تعني الوعي، تماماً، كما أدرك أيضا أن حامل الشهادة العليا، أو بالأحرى المتعلم لا يعني قطعا أنه مثقف، وذلك لأن الشهادة قد يحصل عليها المتعلم نتيجة ل(صمّ) الدروس التي نال بموجبها هذه الشهادة؛ أي أنه حفظها دون تفعيل العقل، بل تفعيل جانب من العقل ألا وهو الذاكرة.
أما الثقافة؛ فهي تراكم معرفي يدعو للتفكير العميق، ولذا فهي تفيد حاملها في تطور الوعي وتعميقه لديه ليتولد (خير) نتيجة لهذا التراكم المعرفي الذي يميز بين الخير والشر، ولذا فهو يدعو الى الخير ويحارب الشر بالوعي؛ أي بمعنى آخر إذا كان من يحمل الشهادة يجُيرها للشر فهنا يُصبح الجهل أكثر احتراماً من العلم لديه، وهذا خلل يُصيب ذوي الشخصيات المهتزة بالتحديد، فإذا أخذنا (نوبل) المتعلم الكبير وأخذنا اختراعه المدمر - أي الديناميت الذي قتل البشر، فإننا نصل الى هذه الحقيقة القاتلة - لأنه لو لم يكن مهزوزاً وشريراً في الأساس لما فكر بهذا الاختراع البشع، ولما وضع جائزة باسمه لخدمة (السلام والأدب والطب) لأن ذلك ما هو إلا تكفير لجنايته على البشرية.
وكذلك مخترع الدبابة (باتون) ومخترع الكلاشنكوف الذي لم يزل يثير ألم مخترعه الروسي كلما تذكره حتى اليوم؛ لأنه يرى أن هذا الاختراع أصبح أداة قتل للبشرية بالرغم من أنه لم يستفد (مادياً) من هذا الاختراع الذي أصبح مصدراً لدخل روسيا منذ أن دخل للخدمة حتى اليوم، لذا، فإن الاكاديمي الارهابي هو مثل (جيكل ومستر هايد) ذلك الدكتور الذي كان يحمل وجه الخير في النهار ويلبس قناع الشرّ في الليل ليقتنص ضحاياه ويقتلهم بلا هواده أو شفقة.
***
يبقى القول أخيراً إننا كنا نتمنى من القلب أن يكون هؤلاء الأكاديميون الارهابيون قد قدموا خدماتهم قبلاً لوطنهم وللعالم من أجل صنع الخير لا من أجل صنع الشرّ، ولكن على أية حال تبقى الروح الشريرة شريرة مهما بلغت من العلم!