Al Jazirah NewsPaper Tuesday  16/03/2010 G Issue 13683
الثلاثاء 30 ربيع الأول 1431   العدد  13683
 

أكبر فقد وأعظم مصاب

 

من سمات الدنيا أنها جبلت على الكدر ولا تدوم على حال أحزانها لا تنقطع وهمومها لا تنقشع وأفضع ما فيها تعاقب الأحزان بفقد الأحبه والخلان كمد على كمد وحزن على حزن وهم يعقبه هم!!

لم يكد يمر شهران وخمسة وعشرون يوماً على فقدي لزوجي وهو حزن رطب لم يجف حتى أبتلى ولله الحمد بفقد أعز إنسانة على قلبي أمي الغالية الجوهرة السلمان.. وهي بحق ولا أزكيها على الله جوهرة بأخلاقها وحسن تعاملها ونبلها إنسانة لا يوجد لها شبيه في هذا الزمان تعلمنا منها معنى الصبر وكضم الغيض والإيثار والبذل والعطاء والإحسان ومعنى التسامح لا يوجد شخص عرفها إلا ويثني عليها ومثلها فقده جلل ومصيبة عظيمة.. كانت صابرة على مرضها الذي عانت منه منذ أكثر من عشرين عاماً ولا تظهر إلا الحمد والثناء لله.. مرت أيام على فقدك يا أمي ولا يزال قلبي يهفو لرؤيتك ويشكو فقدك يا أغلى الناس بدونك الأيام يا أمي كئيبة يغشاها الحزن ويلفها لوعة الفراق ويهفوها الأمل بلقائك بجنة لا هم فيها ولا كدر.. ينتابني شعور غريب ورعشة في جسدي كلما تذكرت أنني لن أراك مرة أخرى ولن أسمع صوتك.. آه ثم آه يا أماه من سيبادرني بالاتصال ليسأل عن أحوالي ويتطمن علي وعلى أبنائي؟ من سيغمرني بفيض من الدعوات الخالصة لي ولأبنائي دعاء يشعرني بالسعادة والطمأنينة ويفرح قلبي وأجاوب هذا الدعاء الطاهر بترديد آمين آمين.. من يجمعنا وينتظرنا كل أسبوع غيرك؟؟ أماه مر أول أربعاء بدونك وبدون جمعتنا عندك مختلفاً عن باقي الأيام رغم أنني بالفترة الأخيرة لا أحضر هذا الجمع لكوني لا أزال في العدة إلا أنني أحضرها بقلبي وبتعلق أبنائي ولهفتهم للذهاب إليك حتى أبنائي وبخاصة عبدالرحمن يبكي ويسألني لماذا لم نذهب إلى أمي الجوهرة اليوم؟ وأحتار ماذا أجاوبه خاصة أنه لم يستوعب حتى الآن فقده لوالده فكيف يستوعب فقدك أنت أيضا؟!! وأنت عنده الملاذ الآمن والصدر الحنون والزيارة التي يهفو إليها وينتظرها كل أسبوع.. حتى يوم الجمعة بدونك حزين لأنه خلا منك.. في وجوه إخوتي وأخواتي حزن وكدر ولوعة لا يعلم مداها إلا الله.. نتذكر أحاديثك ومواقفك ولحظات عشناها معك فيزيدنا شوقاً وحسرة وينتابنا شعور باللهفة لمحياك.. كم أتمنى أن أقبل جبينك الطاهر وأحتضنك لتخف لوعتي ويهدأ فؤادي يا أعظم وأصبر أم وأنا أستقبل المعزين أسرح بفكري وأقول إنني بحلم وسأصحو منه وعندما أنتبه أجدني بين مرارة رحيلك التي وقفت في صدري مثل الغصة الحارة لا يبردها إلا ذكر الله واحتساب الأجر.. حزني على فقدك لا يعدله حزن ما كنت أظن أن فراقك عاجل.. وهذا طبع البشر يعلمون أن الموت ملاقيهم لا محالة ولكنهم يطيلون الأمل ويستبعدونه على أنفسهم ومن يحبون.. آه يا أطيب قلب قبل أيام كنت بيننا نقبلك ونستأنس بحديثك وخدمتك واليوم بيننا وبينك القبر والتراب.!!

إحساس مهيب فقدته لا أشعر به إلا معك ولا يعوضه غيرك منذ رحلت عنا وقلوبنا متعبة وأرواحنا خيم عليها فراغ كبير هز وجداننا وأفئدتنا.. كل يوم يمر يجدد الحزن في قلبي ويجدد شوقي إليك.. لا أجد كلمات تصف حجم فقدك وتعبر عن مقدار حزننا وكمدنا عليك يمر يومي بدونك صباحه كئيب وذابل لأنني تعودت أن أتصل بك للسلام والاطمئنان عليك وعندما أتأخر بالاتصال أجدك تبادرينني به للاطمئنان عليّ وعلى أبنائي.. يمر يومي الآن وأنا أتذكر وأقلب تفاصيل يومي معك.. وأحن إليك وإلى وجهك الطاهر وغرفتك وسريرك ورائحتك العطرة وكل ما يتعلق بك, وعندما يحل الليل أستعيد كلامك وصدى دعواتك لي ولأبنائي فتهفو نفسي لسماعه مجدداً وأقول: اللهم اجعل دعاءها لنا في حياتها يحفنا نحن وأبناءنا حتى بعد وفاتها واستجب ما دعت لنا يا أكرم الأكرمين.. أماه هل تحلو الحياة بدونك وبدون تقبيل جبينك وسماع دعواتك وشرف خدمتك؟

لا أنسى ما قمت به قبل أيام من وفاتك رحمك الله من تفريجك لكربة مررت بها أنا وأبنائي رغم أني لم أشكو لك عنها ولا لغيرك ولكن هذه عوائدك وهذه أنت تنزلين مثل الغيث لكل من حولك وهو استمرار لتفقدك لأحوالي أنا وأبنائي والذي زاد أضعافاً مضاعفة بعد وفاة زوجي..

أسأل الله العلي القدير أن يفرج لك بها من كرب الآخرة.

أمي الحبيبة.. لا أدري كيف أرثيك أو أرثي نفسي التي أتعبها فقدك فكل ما كتب وسيكتب وقيل وسيقال لا يوازي معشار ما أحمله بقلبي لك يا أطيب قلب ستظلين ساكنة في وجداننا ما حيينا.. وسندعو لك ما تعاقب الليل والنهار وفي صلاتنا والأسحار ستبقين في قلوبنا طالما فينا قلب ينبض ونفس يعلو فمصابنا فيك عظيم وجرحنا لفقدك جسيم.. اللهم ارزقنا برها بعد وفاتها واغفر لها وارحمها وأكرم نزلها واجعل قبرها روضة من رياض الجنة وارفعها بمرضها لمنزلة الصديقين والشهداء. اللهم لا تحرمنا أجرها ولا تفتنا بعدها واجمعنا معها بالفردوس الأعلى.

ودعت فيك صفاء العيش يا أمي

يا طول همي ويا حزني ويا كمدي

كنا إذا غبت يوما لا نطيق نوى

واليوم غيبتك الكبرى إلى الأبد

آمنت بالله والآجال قدرها

إذا انتهى عمر لم ينقص ولم يزد

يا رب قدرت فالطف وابتليت فكن

عوني على حملي البلوى وكن عضدي

ابنتك: رقية الراشد


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد