حقق معرض الكتاب الأخير تقدما ملموسا ممثِلا - بمزيد من الجودة - الحراكَ الثقافي الذي تعيشه البلاد من خلال نتاج عقول مبدعيها ومبدعاتها، ومع ذلك فإننا نأمل أن يحقق المزيد من النجاحات في المواسم الثقافية القادمة، عن طريق الأخذ بالرؤى الحيادية الجادة التي يهمها خدمة الدين ومصلحة الوطن، فلا إفراط ولا تفريط، كما يراه ذوو الألباب وفي مقدمتهم ولاة أمر هذا الوطن الذين يرددون دائما بأن هذه البلاد قوية قوية بإسلامها غنية بمقدساتها، ويلخص هذا التوجه رؤية سمو أمير الرياض
سلمان بن العزيز أثناء استقباله لضيوف معرض الكتاب حيث بين أن المملكة تعي مسئوليتها هذه جيدا وتتشرف بها، لأنها تستمد شرعيتها من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
كما عبر سموه - سدده الله - عما يدور في قلب كل مواطن غيور على حرمة دينه وسلامة بلده حينما قال: إنما نحن أمة وسط، مع أن هناك قلة مغالية وقلة مفرطة، لكن الأغلبية الكبرى هم الوسط، فيجب ألا يُتقاذفوا بين هؤلاء وهؤلاء، فالحل بأن نكون جميعا وسطيين، لأن الله عز وجل أراد لنا أن نكون أمة وسطا، وعدم التطرف لا يمينا ولا يسارا، لأنه قد ثبت بأن التطرف أيا كان هو الذي يشعل الشحناء والخلافات، بينما الوسط نتيجته التآلف والتحاب بين أبناء الأمة الواحدة، وبين أبناء الأمم المختلفة أيضا.
لذا فقد غمرتني السعادة نتيجة دعوة وزارة الثقافة والإعلام لي مع ثلة من المثقفين والمثقفات سواء لحفل الافتتاح أم لاجتماع الحوار، وتفاءلت بأن وزير الثقافة والإعلام يعلم حق العلم بأنه وزير المجتمع الثقافي السعودي بكافة شرائحه، وليس هناك فئة مغيبة عن الساحة الثقافية، وبالفعل رأيت وسمعت معاليه يحاور الجميع بود وتعاطف بل بأريحية كبرى وتواضع جم، وكأنما الجميع أسرته وأبناؤه وبناته، وهم في حقيقة الأمر كذلك.
بيد أن الذي لي ملاحظة عليه هو بعض الأطراف المحاورة، حيث بدا بعضهم متشنجا، خصوصا بعض المحاوِرات النساء، ومع ذلك كأنما هن يردن الاستئثار بكل شيء وهذا أمر غير واقعي، قد يذهب بما حصلت عليه المرأة من مكتسبات، وبعض الآخر من المحاورين لوحظ أنه يغلب مصلحته الخاصة على المصلحة العامة.
وهناك نوع ثالث حاول ممارسة سياسة الإقصاء الممقوتة التي طالما نادى ومن يحذو حذو رأيه بنبذها؟!، حيث أجاب الوزير الحليم الحكيم على سؤال سائل يطالب فيه وزارة الإعلام بأن توقف أصحاب الآراء المتشددة عند حدهم، فكانت إجابته: بأن الوطن هو ملك للجميع ويجب أن تتقبل الآخر كما ترغب في أن يتقبلك الآخر، وهذا هو رأي الدولة ممثلة في خادم الحرمين الشريفين سدده الله تعالى.
علما بأنه قد كانت هناك أطروحات جيدة ومداخلات بناءة من بعض الحاضرين والحاضرات، وقد واعد الوزير النشِط الجميع بوعود ثقافية وإعلامية متعددة براقة شكلاً ومضمونا، ندعو الله أن ييسر لها التنفيذ العاجل على الوجه المرضي للخالق، والمعبر عن هذه البلاد حكومة وشعبا التي هي قبلة أبصار وأفئدة الأمة الإسلامية جمعاء، وأن يعم بفيض خيرها جميع المخلصين الحقيقيين من المبدعين والمبدعات.
g.al.alshaikh12@gmail.com