الجزيرة - عبدالعزيز العنقري
ينتظر الشارع السعودي منذ مدة طويلة إقرار نظام الرهن العقاري, باعتباره أحد الحلول الهامة لمعالجة الطلب المتزايد على المساكن في المجتمع السعودي الذي تعد فئة الشباب الشريحة الأكبر فيه.
ويتوقع عضو مجلس الشورى الدكتور زين بري أن يؤدي نظام الرهن العقاري إلى دخول ممولين غير تقليديين إلى سوق التمويل ما سيزيد من حجم تدفق رؤوس الأموال المتاحة للتمويل العقاري.
ويرى أن الرهن العقاري سلاح ذو حدين فكما انه يساهم بشكل إيجابي في توفير القروض لتمويل بناء المساكن، إلا انه قد يزيد الطلب على مواد البناء وعلى الأراضي مما يفاقم في ارتفاع أسعارها.
و يعتقد عضو مجلس الشورى أن الرهن العقاري ليس عاملا مسببا للازمات, وما حدث في الولايات المتحدة قد لا يحدث بالضرورة في المملكة العربية السعودية أو أي بلد آخر.
قال الدكتور زين بري عضو مجلس الشورى( للجزيرة ):إن هدف نظام الرهن العقاري ببساطة هو إيجاد آلية جديدة في التمويل العقاري..
فالرهن العقاري جاء لتشجيع المؤسسات المالية والممولين لتقديم الائتمان (الإقراض) لمن يرغب في الحصول على القرض بضمان المنزل نفسه. حيث سيضمن للجهة التي تقوم بالتمويل برهن منزل المقترض لديها حتى انتهاء سداد القرض، وذلك وفق نظام يجيز لها التصرف في العقار المرتهن عند عدم التسديد من قبل المقترض, وفق أسس نظامية معينة؛ بمعنى أن منزل المقترض سيصبح الضمانة الأكثر أهمية للحصول على التمويل. وأضاف د.بري أن نظام الرهن العقاري يجب أن يتضمن تحديد جميع الشروط التي تمكن الممول من التصرف في العقار المرهون.
وعن الدور المتوقع لنظام الرهن العقاري في استقطاب ممولين جدد قال عضو مجلس الشورى:
من المتوقع أن يؤدي نظام الرهن العقاري إلى زيادة عدد الممولين حيث أن توفر ضمانة تملك الأصل وحق التصرف فيه، سيؤدي إلى دخول ممولين غير تقليديين إلى سوق التمويل وذلك في شكل مؤسسات ماليه مختصة بالتمويل العقاري؛ فالأمر هنا أصبح لا يقتصر على البنوك وحدها, وإنما قد نجد أنفسنا أمام مجموعة من المؤسسات المالية التي تختص بهذا النوع من التمويل وهذا قد يزيد من حجم رؤوس الأموال المتاحة للتمويل العقاري.
وعن إيجابيات وسلبيات نظام الرهن العقاري قال د.بري: هو سلاح ذو حدين فكما انه يساعد على تشغيل رؤوس الأموال العاطلة ما يعني زيادة السيولة المتوفرة للقطاع العقاري مما يساهم بشكل إيجابي في توفير القروض لتمويل بناء المساكن. إلا انه سيزيد الطلب على مواد البناء وعلى الأراضي ما سيفاقم في ارتفاع أسعارها, وقد يصاحب ذلك أيضا المبالغة في الأرباح التي ترغب هذه المؤسسات في الحصول عليها (الفوائد) مما قد يحد من الاستفادة منها.
وحول آلية الترخيص والإشراف على مؤسسات التمويل العقاري المتوقع ظهورها أوضح د. بري قائلا:
من المتوقع أن يصاحب ظهور نظام الرهن العقاري، نظام آخر وهو نظام التمويل العقاري الذي يختص بتنظيم أعمال مؤسسات الإقراض الجديدة والية الإشراف على أعمالها وما يتبع ذلك.
فمؤسسات التمويل العقاري المتوقع ظهورها يتطلب أن يكون هناك من يشرف على أعمالها وممارساتها مما يستدعي وجود نظام يحكم عملها، فكما أن مؤسسة النقد تشرف على أعمال البنوك التجارية, فانه لابد وان يكون هناك من يشرف على أعمال هذه المؤسسات ويرخص لظهورها كنقطة انطلاق وفق نظام محدد؛ بمعنى أننا سنكون أمام نظامين مختلفين لكن مكملين لبعضهم البعض. و هما نظام الرهن العقاري من جهة ونظام التمويل العقاري من جهة أخرى.
وعن أهمية إيجاد نظامي الرهن والتمويل العقاري في هذه المرحلة، بيَّن د.بري : إن إيجاد كلا النظامين أمر هام جدا, خصوصا وأن الطلب على المساكن في المملكة بدأ يتسع نتيجة لعديد من العوامل يأتي على رأسها اختلاف التركيبة السكانية للمجتمع السعودي؛ حيث إن فئة الشباب أصبحت تشكل الغالبية العظمى من أفراد المجتمع إضافة لتغير العادات التي ساهمت في استقلال الفرد من حيث السكن. كما أن الهجرة الداخلية الكبيرة إلى المدن نتيجة لتوفر الأعمال وارتفاع الدخول في المدن بالمقارنة مع القرى والهجر.
كلها عوامل ساعدت في ارتفاع الطلب على الأراضي والوحدات السكنية وارتفاع أسعارها مما يستدعي الحاجة إلى توفير التمويل اللازم لشرائها.
وحول مخاوف البعض من الرهن العقاري كعامل مسبب للازمات كما حدث في الولايات المتحدة أوضح د.بري أن ما حدث في الولايات المتحدة قد لا يحدث بالضرورة في المملكة أو أي بلد أخر. ففي الولايات المتحدة كان هناك تمادي في بناء الوحدات السكنية بشكل كبير وكانت هناك محاولات لتسويق ملايين الوحدات السكنية بشروط ميسرة في أحيان كثيرة على أساس إما ضمان الدخل أو على أساس تدفق نقدي معين للمستفيد الذي كان يدفع شهريا ما كان يتوجب عليه دفعه للإيجار( لو كانت تلك الوحدة مستأجرة وغير مباعة) مما سهل للكثيرين الحصول على المساكن بشروط ميسرة.
فالرهن العقاري ليس سبب في ظهور مشاكل اقتصادية أو مالية كبري كما حدث في الولايات المتحدة وامتد إلى بقية دول العالم. فصحيح ان بداية الأزمة المالية العالمية كانت في الرهن العقاري والتمويل العقاري ولكن الرهن أو التمويل بحد ذاته لم يكونا السبب المباشر للازمة وإنما الممارسات الخاطئة التي كانت تمارس من قبل المؤسسات المالية (البنوك) مصحوبة بضعف الرقابة.
فالمشكلة التي ظهرت في الولايات المتحدة وأدت الأزمة العالمية, ظهرت كنتيجة للجشع ومحاولة مضاعفة الأرباح ونقل المسؤولية والمخاطر, بطرق مستحدثة أطلق عليها اسم (منتجات جديدة).
فكما ان هناك تطوير في مجال الصناعة قد ينتج عنها منتجات جديدة، فإن هناك أيضا تطوير في مجال الإدارة أو مجال التمويل قد ينتج عنه استحداث أساليب جديدة تؤدي إلى زيادة الأرباح.
وقد تمادت المؤسسات والشركات في البناء على اعتبار ان تسويقها أصبح أقل صعوبة مما جعل عرض المساكن اكبر من الطلب عليها. ومع ظهور حالات من عدم المقدرة على السداد واستيلاء الممول عليها من جديد حيث ان الرهن العقاري يضمن له ذلك, ظهر جليا أن هناك وحدات كثيرة جدا لا يمكن تسويقها وبالتالي بقية الأموال المستثمرة فيها عاطلة مما أدى إلى ظهور عجز في الاحتياطات المالية لدى بعض البنوك والمؤسسات المالية التي تمادت في التمويل فبدأت في بيع جزء من قروضها إلى بنوك ومؤسسات مالية أخرى, إضافة لاقتراضها من بنوك أو مؤسسات مالية محلية أو دولية أخرى لتغطية عجوزاتها، ومن هنا بدأت المشكلة بالتوسع والانتشار