وجهت لي الصحفية ندى محمد الربيعة من جريدة «الجزيرة» الغراء عدة أسئلة تدور حول جدوى وأهمية ودور المنتديات والمؤتمرات الاقتصادية التي تُعقد في المملكة. ومن بين إجاباتي ذكرت لها أن بعض هذه المنتديات والمؤتمرات تنحاز بشكل غير موضوعي لعددٍ من المتحدثين الأجانب لأهداف دعائية، لأن كثيراً منهم لم يقدم لنا أي جديد. وقلت لها إن بعض هذه المنتديات والمؤتمرات تهمش السعوديين خصوصاً أولئك الذين يمتلكون خبرة طويلة أو هم بارزون في تخصصاتهم، وخصوصاً في مجال الاقتصاد. ولفت نظري بعد أن أرسلت إجاباتي لها ما نشر في الصحف السعودية من أن مجلة «إيلان» قد صنفت الأمير الوليد بن طلال ضمن قائمة كبار رجال الأعمال لعام 2009م الماضي، واصفة الأمير بأنه «ليس مجرد رجل أعمال، بل مستثمر محنك». والآن جاء دوري لأطرح هذا السؤال، أين هذه المنتديات والمؤتمرات الاقتصادية التي تعقد في المملكة عن الأمير الوليد بن طلال؟ لماذا لا نسمع من خلالها عن تجربته وخبرته كمستثمر محنك ونستفيد منها. صحيح أن الاقتصاد «علم» ولكن إسقاط هذا العلم على أرض الواقع يتطلب فهماً للعلم وخبرة في العمل، وهذا ما يمتلكه الأمير الوليد الذي نفتقده كثيراً في محافلنا المحلية.
المانشيت الأول في الصفحة الأولى من جريدة «المدينة» الغراء في عددها الصادر يوم الاثنين 8 ربيع الأول 1431هـ جاء كما يلي «السماح للمواطنين بالاستفادة من أراضيهم في 79 مخططاً بشرق الخط السريع (محافظة جدة - هذا توضيح من عندي) فيما عدا البناء». وقد وضعت نقطة بعد نص مانشيت الجريدة لأنني لا أدري هل أضع علامات استفهام أم تعجب؟ واكتفي بنص المانشيت، لأن التفاصيل أسوأ.
وفي العدد نفسه من جريدة «المدينة» خبر يقول إن إدارة الدفاع المدني بالعاصمة المقدسة أوصت بتحميل مقاول سور الكعكية دية المتوفين. والقصة أن سوراً أقيم بملعب الكعكية بمكة المكرمة قد أنهار من جراء شدة الأمطار بسبب أنه كان غير مطابق للمواصفات الفنية (كما جاء في تقرير إدارة الدفاع المدني بالعاصمة المقدسة) وراح ضحية ذلك 6 أشخاص من عائلة واحدة، حيث أنهار السور على منزلهم. هكذا يهمل المقاول ويثبت إهماله والتوصية فقط بدفع دية المتوفين. هل الأرواح رخيصة إلى هذه الدرجة؟ التوصية، التي ذكر مدير التحقيقات والناطق الإعلامي في إدارة الدفاع المدني بمكة المكرمة أنها ليست حكماً وأن الكلمة الأخيرة للقضاء، يجب أن تكون على قدر المأساة، وأقلها، إلى جانب دفع الدية، إلغاء ترخيص عمله، لأن أمثال هؤلاء لا يجب أن تتاح لهم الفرصة للاستمرار في العمل حتى لا يموت آخرون بسبب أن العمل «غير مطابق للمواصفات الفنية». وفي انتظار الكلمة الأخيرة للقضاء، نأمل أن تفتح الجهات المختصة ملف كفاءة المقاولين حماية لأرواح المواطنين والمقيمين.
قال الدكتور محمد الحمد، رئيس جمعية حماية المستهلك، كما جاء في جريدة «الجزيرة» الغراء بعددها الصادر يوم الجمعة 12 ربيع الأول 1431هـ، ان لدينا «أنظمة تكفل سلامة الواردات ولكن العيب في تطبيق تلك الأنظمة»، مشيراً إلى أن «بعضهم يورد المواد المقلدة لأن لا أحد يمنع دخولها».
والسؤال.. إلى متى يبقى هذا الحال؟ متى تشعر «الجهات المعنية» بمسؤوليتها وتنقذ المواطن من السلع المغشوشة أو المقلدة، والتي قد تكلفه حياته، ناهيك عن تكلفتها الاقتصادية الباهظة.
*رئيس (دار الدراسات الاقتصادية) رئيس مجلة (عالم الاقتصاد) - الرياض