لا تزال الدوريات العلمية، وأقصد المتخصصة والتي تنشر الدراسات المحكمة والتي لها صلة بالحياة في المملكة العربية السعودية تاريخاً وجغرافيةً وسياسةً واقتصاداً قليلة العدد محدودة الانتشار لا تحظى بعناية الباحثين والدارسين ولا نجد إشارات إليها تعلن عنها وتبيّن أهميتها، ومن هنا فإن عدم معرفة الباحثين بها في خارج المملكة أمر محتمل ومقبول، ولكن غير المقبول أن يكون هناك جهل بها بين الباحثين في المملكة، والأمثلة على هذه الدوريات كثيرة جداً يصعب أن نسردها في مقالة محدودة كهذه.
ولكن سأشير إلى نموذج منها، وهي مجلة مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة التي تصدر عن مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة ويشرف على تحريرها الدكتور عبد الله العسيلان والدكتور عبد الباسط بدر ولها هيئة استشارية من باحثين معروفين جميعهم من الأكاديميين الذين يعملون في المدينة المنورة.
ومن متابعة أعداد هذه المجلة لاحظت أنها تعنى عناية خاصة بكل ما يتصل بالمدينة المنورة قديماً وحديثاً من خلال دراسات علمية محكمة، وقد وقع في يدي العدد (31) الصادر في (شوال - ذي الحجة) 1430هـ فوجدته يضم دراسات طريقة ممتعة لا تهم المختص بتاريخ المدينة، بل كل باحث وكل راغب في المعرفة.
وتبيّن قائمة محتويات العدد ما احتوى عليه من موضوعات متنوّعة، فالدراسة الأولى عن الحياة الاقتصادية في المدينة قبيل الهجرة وبعدها، والثانية عن مخطوطات المدينة المنورة في مكتبة جامعة برنستون، والثالثة تحت عنوان: مرويات سري نخلة، جمع ودراسة، والرابعة من أعلام النساء في المدينة المنورة في القسم المفقود من التحفة اللطيفة.
وإذا تذكرنا أن هذا العدد الذي أتحدث عنده هو الواحد والثلاثون فإن للقارئ أن يتصور ما قدمته المجلة في أعدادها السابقة واللاحقة من دراسات علمية ممتعة عن المدينة.
إن مجلة مركز دراسات المدينة هي مجرد نموذج لدوريات أخرى شبه مغمورة رغم ما هي عليه من رقي في المستوى العلمي والإخراج الفني، وهذه الدوريات وأمثالها واجهة مشرقة للحركة العلمية في المملكة لعل وزارة الثقافة والإعلام تلتفت إلى دعمها وتعمل على توزيعها خارج المملكة، وقد تكون الوزارة تفعل ذلك، وهي مشكورة إن كانت تفعل.