Al Jazirah NewsPaper Wednesday  03/03/2010 G Issue 13670
الاربعاء 17 ربيع الأول 1431   العدد  13670
 
التعليم عن بُعْد في الجامعات السعودية وآفاق تطويره
د. عبد المجيد محمد الجلاَّل

 

التعليم عن بعد: أسلوب تعليمي غير تقليدي، ونمطٌ جديد من إدارة المعرفة، وثقافة التعليم والتَّعلُم، يقوم أساساً على استثمار تقنية الاتصال والمعلومات في مساندة العملية التعليمية من خلال تطبيق نظام التعليم الإلكتروني في كل

إجراءات التسجيل والقبول، وتوفير القنوات التعليمية، والمنتديات الإلكترونية، والفصول الافتراضية، والمساندة الأكاديمية، والتواصل عبر البريد الإلكتروني، بما يتيح للدارسين والدارسات الاستفادة من هذه التَقنية التعليمية، دون اعتبار للحدود الزمانية أو المكانية «عولمة التعليم».

هذه النوعية من برامج التعليم المتقدمة تتيح كذلك المزيد من الفرص للراغبين في الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي، كما أنَّها من جهة أخرى تساعد على التخفيف النسبي من الطلب المتزايد على المقاعد والفصول الدراسية التقليدية.

خلال العقود الزمنية الأخيرة، وعلى مستوى المنظومة العالمية، اتسعت تطبيقات تقنية التعليم عن بُعْد، ونمت الاستثمارات في سوقه بصورة مُطِّردة، فظهر على السطح ما عُرف بالجامعة الافتراضية «المدينة الجامعية الإلكترونية» كما اتسع نطاق الجامعات التقليدية التي تأخذ بهذه التقنية المتقدمة. ومن أكثر التخصصات استقطاباً: إدارة الأعمال، وتقنية المعلومات، والتربية، والدراسات الاجتماعية والصحية.

في المملكة العربية السعودية، يتزايد الاهتمام بتقنيات التعليم وتطبيقاته العالمية الحديثة، ومتابعة لذلك، واستجابة لما قررته الخطة الوطنية لتقنية المعلومات تمَّ إنشاء «المركز الوطني للتَّعلُّم الإلكتروني والتعليم عن بُعْد» ليكون بمثابة نافذة مهمة تُعنى بتطوير المحتوى الرقمي، ودعم جهود الجامعات السعودية في تطوير قدراتها التقنية وتطبيقاتها الإلكترونية.

ومن أهدافه الرئيسة:

- نشر تطبيقات التَّعلُّم الإلكتروني والتعليم عن بُعْد في مؤسسات التعليم الجامعي بما يتوافق مع معايير الجودة.

- الإسهام في توسيع الطاقة الاستيعابية بمؤسسات التعليم الجامعي، من خلال تطبيقات التَّعلُّم الإلكتروني، والتعليم عن بُعْد.

- تعميم الوعي التقني، وثقافة التَّعلُّم الإلكتروني والتعليم عن بُعْد، إسهامًا في بناء مجتمع معلوماتي.

- الإسهام في تقويم مشروعات وبرامج التَّعلُّم الإلكتروني والتعليم عن بُعْد.

- دعم الأبحاث والدراسات في مجالات التَّعلُّم الإلكتروني والتعليم عن بُعْد.

- وضع معايير الجودة النوعية لتصميم المواد التعليمية الرقمية، وإنتاجها، ونشرها.

- بناء البرمجيات التعليمية لخدمة العملية التعليمية وتعميمها على القطاعين العام والخاص.

- تشجيع المشروعات المتميّزة في مجالات التَّعلُّم الإلكتروني والتعليم عن بُعْد في مؤسسات التعليم الجامعي.

في الإطار نفسه اتسعت تطبيقات تقنية التعليم عن بُعْد في الجامعات السعودية «الانتساب المطور» وتنوّعت التخصصات العلمية المتاحة، في مرحلة البكالوريوس، وتُجرى دراسات حالياً لتوسيع مراحله لتشمل الماجستير والدكتوراه.

ومما يجدر ذكره أنَّ جامعتي: الملك عبد العزيز بجدة، والإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، كان لهما السبق والريادة في تطبيقات تقنية التعليم عن بُعْد، مثل ما كان لهما ذلك منذ من ثلاثين عاماً ونيفاً في تطبيقات نظام الانتساب التقليدي.

في جامعة الملك عبد العزيز افتتحت عمادة التعليم عن بُعد في عام 1425هـ، واشتملت الدراسة على عِدّة تخصصات، هي اللغة العربية، واللغة الإنجليزية، وعلم النفس، وإدارة الأعمال، والإدارة العامة. ويحتضن مقر الجامعة «الجمعية السعودية للتعليم عن بُعد» كأداة داعمة لكل الأنشطة ذات الصلة بتطوير تقنيات ونظم التعليم عن بُعْد.

وفي جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية افتتحت عمادة التعليم عن بُعْد في عام 1428هـ، واشتملت الدراسة على عِدّة تخصصات، هي الشريعة، والدعوة، وإدارة الأعمال، والاقتصاد. وتُجرى دراسة حالياً لإدخال مزيد من التخصصات، مثل اللغة العربية.

وتُعد اشتراطات القبول، على وجه العموم، سهلة وميسرة، وتشترط عمادة التعليم عن بُعْد، بجامعة الإمام، اجتياز المتقدمين للدراسة «دورة تأهيلية» كمتطلب أساسي للقبول في برنامج البكالوريوس وجاء في حيثيات اشتراط اجتياز هذه الدورة (ستة عشر أسبوعاً) أنَّها تساعد على تأهيل الطلاب والطالبات للدراسة الجامعية، ومعرفة الأساليب والأنظمة الدراسية، وفهمها.

على أية حال، التجربة لا تزال وليدة، وتطبيقاتها بحاجة إلى مزيد من التطوير، والتحسين، والصيانة والدعم الفني، بما يخص الموارد البشرية المؤهلة، والبيئة الإدارية والإجرائية المرنة، وتصميم الحاويات والمقررات الإلكترونية، وبما يسمح بتوسيع نطاق التخصصات المتاحة. وهذا القطع يتطلب المزيد من الاستثمارات المالية لتنمية هذه التجربة الواعدة.

ولكن من المهم جداً أن تكون تطبيقات التعليم عن بُعْد، وتوطينها في مؤسسات التعليم العالي في المملكة محكومة بمعايير وقياسات جودة عالمية ابتداءً من البُنى التحتية، وانتهاءً بالمخرجات العلمية، وصولاً إلى تحقيق الفاعلية بأدنى تكلفة اقتصادية ممكنة، وبما يلبي احتياجات الدارسين وسوق العمل معاً.

وهناك حراكٌ جاد عبر المؤتمرات، والندوات، وحلقات النقاش، وورش العمل، واطلاع نشط على بيوت الخبرة، والتجارب العالمية في هذا المجال، سعياً نحو تحقيق مؤشرات التميّز في هذا الخيار المعرفي والتقني المهم. بما يتماهى مع التجارب العالمية المتقدمة.

ولا شك أنَّ التنسيق والتعاون وتبادل الخبرات بين المركز الوطني للتَّعلُّم الإلكتروني والتعليم عن بُعْد، والجامعات السعودية في الجوانب ذات الصلة بتطبيقاته، إجراء مهم وضروري، لضمان الحصول على مخرجات تواكب نظائرها العالمية.

ولعلَّ ثمرات هذا التنسيق والتعاون تتبلور في إنجاز إستراتيجية وطنية للتَّعلُّم الإلكتروني والتعليم عن بُعْد، كما أوصى بذلك المؤتمر الدولي الأول للتَّعلُّم الإلكتروني والتعليم عن بُعْد - 2009م» الذي نظَّمه المركز الوطني.

من مأثور الحِكم:

إنَّما العِلْمُ كَبَحْرٍ زاخِرٍ

فَاتَّخِذْ مِنْ كُلِّ شَيءٍ أَحْسَنَهْ




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد