- في كل الأحوال يبقى عميد مؤرخي الحركة الرياضية بالمملكة الدكتور أمين ساعاتي من الرياضيين المعاصرين لكثيرٍ من الأحداث الرياضية التاريخية وعايش أبرزها قبل أكثر من نصف قرن من الزمن فقد مثل فريق الاتحاد في السبعينيات الهجرية وتحول إلى مضمار التحكيم بعد اعتزاله ثم العمل الإداري وأخيراً تفرغ لمهنة البحث والتدوين والتأليف (رياضياً واقتصادياً وسياسياً واجتماعياً).. حيث قدم للوطن أكبر موسوعة عن تاريخ الحركة الرياضية شاملة لجميع الأندية الرياضية بالمملكة.
- (الجزيرة) التقت د. أمين ساعاتي في لقاء يكشف خلاله.. أوراقاً من تاريخ الحركة التأسيسية للناديين الكبيرين الأهلي والهلال:
شمس أسس الأهلي
- يقول عميد المؤرخين الرياضيين في معرض حديثه.. إن تأسيس الأهلي كان عام 1357هـ على يد المرحوم بإذن الله حسن شمس الذي كان يتمتع بسمات إدارية حكيمة وفطرة قيادية، حيث كان لاعباً في الاتحاد بجدة ولاعباً بارزاً في مدرسة الفلاح؛ طبعاً كان معه في عملية التأسيس عبدالرؤوف بترجي وعباس خميس ومحمد عبدالله الصائغ الذي تولى قيادة الفريق فنياً.
كان الفريق يضم نخبة ممتازة من أبناء جدة وكان بيت شمس وبيت بترجي وبيت الصائغ تشكل نقطة تحول في تماسك وترابط المجموعة التي كانت ترتع في هذه البيوت، ومن أشهر اللاعبين الذين شاركوا في حركة التأسيس أحمد أبو داود والد النجمين (باسم وحسام) وحسين وإبراهيم بكر وسالم بن عيسى ومحمد وعبدالرحمن القهوجي عثمان ومحمد قاسم وبكر وعبدالله باناجة وبعد تأسيسه بعدة أشهر لعب الأهلي أولى مبارياته مع فريق الدرجة الثانية (الشباب) فريق الاتحاد وفاز الاتحاد 2-1 ثم لعب لقاءً ثانياً وتعادل الفريقان، وهكذا كان الفريق منذ نشأته الأولى ناجحاً وإزاء ذلك بدأ التنافس يأخذ مساره ضد الاتحاد وبعد موسمين من تأسيسه تم إيقاف مباريات الأندية بسبب الظروف الاقتصادية فاحتجب الفريق قرابة عشرة أعوام ثم استأنف نشاطه مع الأندية الأخرى عام 1369هـ.
وفاة المؤسس..!
- ففي عام 1369هـ شُكلت إدارة جديدة برئاسة عمر شمس خلفاً لأخيه المرحوم (حسن شمس) مؤسس النادي الأهلي الذي أُصيب بحمى التيفويد التي لم تمهله طويلاً فتوفي وهو في سن (27 عاماً)، حيث شارك معه في الإدارة عبدالعزيز باناجة ومحمود عارف، إبراهيم نشار وعباس حسنين واستمر شمس حتى عام 1371هـ، والحقيقة أن عمر شمس اعتبره من رجالات الأهلي الأوفياء الذين قدموا الشيء الكثير لهذا الكيان العريق. طبعاً تحول الأهلي ليحمل اسم الثغر منذ عام 1371هـ أي بعد ابتعاد شمس حتى عام 1381 أي عشرة أعوام كان يلعب فيها الفريق باسم الثغر.
الأولوية للأهلي
ويعد النادي الأهلي أول فريق يلعب مع فرق مكة المكرمة، وكان ذلك أمام فريق الوطن (قبل حله) في السبعينيات الهجرية وانتهت هذه المباراة بفوز الوطن بهدف. وبالمقابل نجح الثغر - الأهلي حالياً - في تدعيم صفوفه آنذاك بعددٍ من اللاعبين من الجالية المصرية والسودانية ومن أبرزهم إسحاق فارس وعبود باشا ومن الجالية السودانية عبدالحفيظ ميرغني وزرقان وأحمد عبدالله وهؤلاء احترفوا بالأهلي آنذاك.
دعم رائد الرياضة
- لعب الأهلي دوراً مهماً في النهوض بالحركة الرياضية بعد تأسيسه حيث شهد وتلقى دعماً قوياً من رائد الرياضة الأمير عبدالله الفيصل - رحمه الله - الذي كان يولي الرياضة عنايةً كبيرةً واهتماماً مباشراً، ولعل التنافس القوي بين قطبي الغربية الأهلي والاتحاد عزز من نهوض الحركة الرياضية بصورة قوية. فقد بدأت علاقته - رحمه الله - بالأهلي عام 1369هـ وشكل أبرز داعمي هذه المسيرة وباني أمجادها.
العودة للمسمى الأصلي
وبعد عشر سنوات.. الأهلاويون فكروا في إعادة الأهلي بعد أن كان يلعب باسم فريق الثغر، فرفعوا إلى اللجنة الرياضية العليا بوزارة المعارف يطلبون منه تعديل اسم الثغر إلى النادي الأهلي وبالفعل وافقت اللجنة الرياضية في 14 من ربيع الآخر لعام 1381هـ، وبذلك دخل الأهلي الدوري الجديد باسمه الأول والأصيل بإشراف المدربين أحمد يافعي وعبدالله عبدالماجد ونجح الفريق في استغلال فترة التنقلات لهذا العام وضم لاعبين من فرق أخرى أمثال (كلجة) وحمد عدنان وحسن مجلجل، ثم عمر راجخان وغازي ناصر وحماد وأمين ساعاتي وكتلوج الصغير.
في الموسم الذي تلاه عام 1382هـ نجح الأهلي في الفوز بكأس الملك بعد أن كسب أهلي الرياض بهدف سجله (كلجة) كأول بطولة يفوز بها الأهلي بعد تصنيف الأندية وتسجيلها رسمياً عام 1380هـ.
الهلال والانقسام الثاني
أما فريق الهلال فقد تأسس عام 1377هـ بعد حادثة الانقسام الثاني الذي حصل بين الشباب والهلال، ففي 21 ربيع الأول لعام 1377هـ استقل الشيخ عبدالرحمن بن سعيد بالأولمبي فريقاً وليداً جديداً وقصة تأسيس الأولمبي كما رواها لي شيخ الرياضيين - والكلام للساعاتي - قائلاً (حينما خرجت من الشباب على إثر ما حصل فضلت البقاء منعزلاً عن الجو الرياضي، حيث كنت أصرف على لاعبيه من جيبي الخاص نظراً لعدم وجود مورد آخر ولم تكن هناك مباريات بدخل ولا من يمده بإعانات ولم أفكر في العودة للرياضة على الرغم من أنه خرج معي (والكلام على لسان ابن سعيد) من اللاعبين من عدد كبير جداً يفوق الأربعين لاعباً، وفي يوم 20-4-1377هـ اتصل الأمير خالد بن سعود على ابن سعيد طالباً حضوره إلى الناصرية لمقابلته للأهمية وبعد حضوره طلب منه إخراج فريق جديد.
يوم للشباب ويوم للأولمبي
وبالفعل بعد أن التقى عبدالرحمن بن سعيد الأمير خالد بن سعود اصطحبه سموه في سيارته متجهاً داخل القصر الرسمي وقابل جلالة الملك سعود -رحمه الله - وقد سأله الملك الراحل عن الأسباب التي أدت إلى الاستقالة وطلب منه الأمير خالد بن سعود وأمام الملك بتأسيس نادٍ آخر بعد الشباب.. في ظل هذا الطلب وافق ابن سعيد لأنه وكما قال سأتعب كما تعبت في السابق ولكن عطفاً على اللاعبين الذين خرجوا من الشباب لأجل ابن سعيد وافق وابلغهم بالخبر حيث اتفق على تسمية المجموعة التي خرجت من الشباب عام 1377هـ بفريق الأولمبي وتم الاتفاق على إقامة تمارينه على ملعب الشباب بالمناصفة يوم للشباب ويوم للأولمبي. وأصبح الفريق الوليد على يد ابن سعيد يزداد نمواً ونضجاً ولم يمضِ عليه وقت طويل حتى تمكن من الوقوف على قدميه، وأصبح في عداد أندية الدرجة الأولى.
الملك سعود اختار الهلال
بعد أن أكمل الأولمبي عامه الأول دخل الفريق في طور جديد فقد اشترك في مباراة ثنائية على كأس الملك سعود وبحضور الملك الراحل لعب الفريقان الشقيقان الشباب والأولمبي ضد الثنائي الأهلي والكوكب وأثناء المباراة سأل الملك سعود - رحمه الله - عن أسماء الأندية المتبارية أمامه فعرفوه بأسمائها وحينما جاء اسم الأولمبي فكر هنيهة وتسائل لماذا النادي باسم غير عربي؟!! ثم أمر - رحمه الله - محمد الدغيثر ومحمد الصائغ بإبلاغ النادي بضرورة تغيير اسمه باسم عربي، وهنا اتفق أعضاء النادي برئاسة ابن سعيد على بعض الأسماء واستقروا على رفع ثلاثة أسماء هي: اليمامة، الوحدة، الهلال، وهذه الأسماء عرضت على جلالة الملك سعود ولأخذ موافقته على أحدها فشطب -رحمه الله- على الاسمين (اليمامة والوحدة) وأبقى الاسم الثالث وهو الهلال وابتداءً من يوم 21 جمادى الأولى لعام 1377هـ سمي الأولمبي باسم الهلال وبشعاره الحالي الأزرق والأبيض.
أول الألقاب الهلالية
في 20 شعبان لعام 1381هـ نجح الهلال الذي لم يمضِ على تأسيسه أربعة أعوام في سحب بساط البطولات من تحت أقدام المنطقة الغربية عندما تمكن الفريق الهلالي من إحراز أول لقب له وهو كأس الملك عام 1381هـ بعد فوزه على الوحدة في ملعب الصائغ بالرياض، وهو أول بطولة يحققها الهلال في تاريخه ثم نجح بعد ثلاثة أعوام وتحديداً عام 1384هـ من إحراز إنجاز كبير تمثل في فوزه بلقب كأسي الموسم (كأس الملك وكأس ولي العهد) جامعاً اللقبين وهو بالمناسبة أول فريق بالمنطقة الوسطى يحقق هذا الإنجاز الكبير الشرفي.
ويعد ناصر بن موزان وصالح آمان وأيمن محمود (والدينمو) ومهدي بن علي والكوش ومبروك الدبلي ورجب خميس وسلطان بن مناحي وحامد عباس ومبارك العبد الكريم أول جيل صنع أول الإنجازات الهلالية وتحديداً عام 1381هـ.