التبرير أسلوب ينتهج وطريق يتخذ للدفاع عن النفس والسلامة من النقد، وحفظ ماء الوجه، هو حيلة لنزع جلباب الأخطاء والعيوب وإلباسها آخرين هم منها بريئون، وإذا كان الخطأ في البشر وارداً كما جاء في الحديث الصحيح (كل ابن آدم خطاء...) وهذا في مخالفة النص الشرعي فغيره أولى، لكن أن يتعمد الإنسان الخطأ وينسبه لآخرين فهذا هو التبرير لعجزه وتقصيره.
|
وللتبرير صور كثيرة تراها وتلحظها بين أفراد المنظمات الإدارية وفي مجالس الناس ومنتدياتهم بل تجد ذلك في الأسرة الواحد، فمثلاً الأب عندما ينحرف ابنه ويبتعد عن المسار الصحيح يحمل الشارع وأبناء الجيران وربما الأقارب تبعات انحرافه بينما الأب لم يقم بأدنى جهد من مسؤولياته العظيمة تجاه ابنه، والطالب عندما يخفق في الامتحان يعزو ذلك لأستاذه الذي لم يتمكن من إيصال المعلومة أو لحجم المادة وغير ذلك من المعاذير، والموظف لم يتقن عمله ولم ينجز مهامه، وقصر في أداء واجباته ما إن تفاتحه عن تقصيره إلا ويأتيك بقائمة طويلة عريضة من الأعذار والأسباب ثم يجتثها من عروقها ليلقيها على أبرياء على المدير أو على الحاسب أو على المشاكل العائلية، وهكذا تضيع الأعمال وتفوت الفرص وتثقل القدرات بتلك الأعذار العليلة والحيل الكاذبة والخاسر الأول صاحبها لأنه عود نفسه وستصبح حياته على هذا النمط وللإنسان من دهره ما تعودا وبئست العادة تلك وسيبقى أخونا هذا بين الأخطاء والتقصير وبين الأعذار والتبرير.
|
وعاجز الرأي مضياع لفرصته |
حتى إذا فاته شي عاتب القدرا |
وإذا كان الاعتراف بالخطأ فضيلة فإخفاؤه رذيلة وأسوأ منه إلباسه آخرين لا ذنب لهم.
|
التبرير خطأ كبير وخطيئة لأنها ألبست آخرين، ولمن أراد التخلص منه أن يقف مع ذاته ويصارحها أن المخادعة لها لا لغيرها وإذا ألفت ذلك فهي خاسرة بكل المقاييس! ومن يرضى الخسارة لنفسه؟
|
كذلك عليه أن يثق بقدراته وسيجد أن لديه طاقات معطلة لو استثمرها لحقق من خلالها الشيء الكثير أو قل المستحيل.
|
كذلك المبادرة بإنجاز العمل أولاً بأول ودع تسويف العمل فهو فتيل التبرير.
|
|