تطلق صفة أو مسمى أكاديمي على من يحمل درجة علمية من أحد الجامعات. وجاءت كلمة أكاديمي أو أكاديمية -على حد علمي المتواضع أو كما جاء في المعجم المفصل في الأدب الطبعة الأولى الصادرة من دار الكتب العلمية في بيروت للدكتور محمد التنوجي- نسبة لمدرسة فلسفية أسسها أفلاطون عام 387ق.م في بساتين «أكاديمي» بأثينية؛ لتدريس الفلسفة والرياضيات. وقام على إدارتها تلاميذه من بعده. ثم أطلق اسم «أكاديمية» على بعض المجامع العلمية والمعاهد الأدبية، كالأكاديمية الفرنسية التي أسسها ريشليو عام 1635م وأكاديمية الفنون الجميلة بباريس... وأكاديمية الفنون الجميلة بدمشق. كما تطلق على الجامعة والكلية.
هذا القول لا نختلف عليه، ولكن الأمر يتعلق بكيفية توظيفه من قبل من يحمل تلك الصفة من خريجي أقسام التربية الفنية عندما يساهمون في طرح نقد أو رأي في معرض أو تقديم مادة علمية أو مقال أو تأليف كتاب خصوصاً في مجالنا التشكيلي ليجعلوا من تلك الصفة (أكاديمي) درعاً واقياً أمام آراء الآخرين من أصحاب التجارب والخبرات كونهم لا يحملون تلك الدرجة أو الصفة، واعتبار أن هؤلاء الأكاديميين مقدمون على غيرهم.. مع أن أولئك الغير قد يتفوقون على (بعض) الأكاديميين وعلى درجتهم العلمية. ففي الأيام القليلة القريبة طُرح في الساحة كتاب في المجال التشكيلي وواجه آراء عدة من أكاديميين وأخرى من أصحاب تاريخ طويل في الساحة من فنانين أصبحوا مادة دسمة لرسائل الماجستير والدكتوراه قوبلت من أصحاب هذا الكتاب بردود فعل تسلحوا لها بالاعتداد بالدرجة العلمية، وأن ما يُطرح من نقد لا يرتقي إلى ما هم عليه من علم ومعرفة، وما يحملونه من درجة جعلوا منها جداراً وهمياً لصد الآراء المخالفة لهم لإخفاء فشل تجربتهم. واليوم لدينا موجة غريبة في جانب التأليف والتنظير للساحة من أسماء لا زالت تحبو وتتهجى ألف باء مسيرة الفن في وطننا الحبيب. هذه الموجه تكشف هدفها المادي على حساب منفعة القارئ عبر استغلال عدد من الأسماء يجمعون المعلومات عنهم من أصدقاء ومعارف ويغلفوها بقراءات انطباعية عابرة تتكرر فيها العبارات والوصف والمصطلحات الفنية ما يدل على خلو وفاض من كان يجب أن يسمى بالمعد وليس المؤلف (سيكون لنا وقفة معها).
لا يمكن الاختلاف على أن الساحة تفتقر للمؤلفات التشكيلية وما صدر من زملاء لهم خبرتهم الكبيرة، لكن ما يشاهد من إصدارات خلال هذه الفترة لا يمكن إدراجها ضمن ما نحتاجه، لا من حيث العناوين ولا من حيث المضمون الذي يسيء للساحة أكثر مما يخدمها. فنحن بحاجة إلى التعريف بمن هم الفنانون أصحاب الخبرات ومن هم الموهوبون، لا أن تأتي الإصدارات جامعة الحابل بالنابل، محدثة ضبابية وعتمة أمام الباحث والدارس من داخل المملكة وخارجها وتضليله بمعلومات وأسماء لا تمثل حقيقة الساحة ولا مسيرة هذا الفن الذي لا يعرفه إلا من ساهم في تأسيسه وبنائه ومتابعته خطوة بخطوة..
وإن كان هناك عتب فهو على من أوكل لهم إجازة مثل هذه الإصدارات دون عرضها على مختصين لهم خبرتهم في هذا الجانب من أبناء الوطن لا أن يقبل التأليف من أسماء جديدة على المكان وعلى الساحة لا تعرف أكثر من الاطلاع على بروشورات وإصدارات المعارض جمع منها الغث أكثر من الثمين لعدم تمكن هذا (الجامع لمادة الكتاب) من سبر أغوار الساحة ومن فيها.
لقد ألمحنا في هذه المساحة عن ما لا نرغب حدوثه عبر إصدارات يجهلها الكثير ويعرفها القليل نأمل أن تتحرك أقلام كثيرة لإيقاف مثل هذا التجني على الساحة وكشف ما يستحق القراءة والاقتناء، وسيكون لنا موعد قادم للحديث بشكل مفصل عن أحدث إصدار لم يصل للقارئ ولا إلى التشكيليين تفضل علينا أحد الزملاء الذين حصلوا على نسخة منه بمشاهدته والتعرف على تفاصيله التي أبقت في نفوسنا عتباً كبيراً على هذا التصرف غير الموفق وليس لنا إلا القول (إذا عرف السبب بطل العجب). نعدكم أن نعود للحديث عنه بعد أن نستجمع الآراء مستنيرين بما قدمه الدكتور محمد الرصيص في طرحه الموضوع بأسلوب علمي الجمعة الماضية في هذه الصفحة، عايش حقيقة الكتاب مع ما تلقيناه عبر الإيميل والاتصال الهاتفي من فنانين مؤرخين ومتابعين عن قرب للساحة التشكيلية السعودية.
الأسبوع القادم يا إدارة المطبوعات أعطوا الخبز خبازه
monif@hotmail.com