كثيراً ما نقسو على شبابنا وبناتنا بشكل مبالغ فيه، لدرجة تصويرهم بالعبثيين ومضيعي الوقت والاتكاليين وقلة الإنتاجية، حتى أصبحوا في كثير من صور الوعي العام رديفاً للانفلات الاجتماعي والأخلاق غير السوية،
وكأنهم بدعٌ عن كل شباب دول العالم، الذين لا يختلفون عنهم في أداء الأعمال الإيجابية أو الوقوع في التصرفات السلبية، بينما الواقع يشهد لهم في أكثر من موقف وطني أو عالمي أن فيهم خيراً عميماً وعطاءً حميداً، خاصةً في مجال المبادرات الخيّرة والجهود التطوعية التي تصدر من تلقاء أنفسهم وبذلك ينفون بطريقة غير مباشرة تلك التهم التي تُلصق بهم اعتباطاً، كلما أردنا تبرير بعض إخفاقاتنا التنموية، ولعل الشواهد على تلك المبادرات الإيجابية كثيرة وملموسة، من أبرزها تلك الأعمال التطوعية التي قام بها شباب وبنات الوطن على خلفية تداعيات سيول أمطار جدة أو نازحي جازان، الذين تسابقوا في تقديم كل الخدمات الممكنة لمتضرري السيول والنازحين والمساهمة في رفع المعاناة عنهم دون إجبار من أحد أو أن ينتظروا شكراً أو هبةً، فرسموا بذلك العطاء المتدفق لوحة سعودية مُشرّفة تؤكد معدنهم النفيس ونفوسهم المحبة للخير وروح المبادرة الوطنية الصادقة.
ومن جدة في الغرب وجازان في الجنوب إلى حائل في الشمال، والأمر يتكرر في أكثر من منطقة في مملكتنا الغالية، فما الذي دفع فرحان الشمري وعبدالمحسن الحميد إلى البحث عن (طفلة تائهة) في جبال أجا تحت ظلام الليل؟ عندما علما من أحد الإخوة بذلك فنهضا من ساعتهما حتى عثرا عليها قبيل الفجر! هذه القيم الرائعة في هذا السلوك الإيجابي (الفردي أو الجماعي) هي انعكاس ل(فضيلة التطوع) الموجودة في تربتنا الاجتماعية وتختلج في نفوسنا، وتشير بوضوح إلى القابلية في تنميتها، من خلال برامج رعاية ومؤسسات مدنية فاعلة مدعومة بزخم إعلامي متنوع لتكون ثقافة عامة في كل أرجاء الوطن، بحيث تدخل كل بيت، وكل مكتب، وكل مكان عام، فتكون سلوكاً فردياً يتحول عند الحاجة الوطنية إلى فريق عمل جماهيري كما حدث مع الشمري والحميد، وبصورة أكبر مع شباب وبنات جدة وأبناء جازان الأوفياء.
إن شبابنا السعودي (بنين وبنات) الذي يؤكدون دوماً حضورهم الإيجابي هم أهلٌ للثقة وعند حسن الظن والتعاون على الخير وتشريف الوطن، المهم أن يثق بهم مجتمعهم وأن لا يأخذهم بأخطاء غيرهم الذين يقعون ببعض التصرفات السلوكية الخاطئة والممارسات السلبية كأعمال الشغب بعد المباريات أو التفحيط عند المدارس أو الاعتداء على الناس وغير ذلك من أعمال غير حضارية جعلت الكثير منا ينظر إلى الجزء الفارغ في الكأس.
Kanaan999@hotmail.com