أتمنى أن أمتلك الجرأة والثقة بحيث أدخل في حوار تفاعلي مع القراء عبر موقع الجزيرة أو تحديداً على صفحتي في الموقع.
لكن الشخصية النجدية الحذرة ما زالت تملي علي قائمتها الطويلة في أن ذلك لا يناسب وكيف تدخلين في حوار مع شخصيات مجهولة، ثم إن رسائل ال أس أم أس تظهر تدنياً في بعض مستوى الفهم وكذلك تربصاً مقيتاً باللغة والذهاب إلى تأويلات متسطحة عند بعض من يقرأ، لكن هذا لا يلغي أن كثيراً مما يأتي يكون متوافقاً مع المرحلة وطبيعياً في سياقه العام، بل إن ثمة رسائل تحمل فكراً نابهاً ومميزاً! وهذا دال على أننا بدأنا نقرأ باستقلالية وبدون توجس!
قلت لزميلة داعية جمعني بها عمل مشترك: تغيَّر خطابنا الإسلامي وظهرت لنا آراء سمحة لم نسمع دعاتنا وعلماءنا يتبنونها من قبل! ردت: لم يمنعكم أحد من أن تقرأوا! قلت بل كان هناك تحذير عام من القراءة المنفردة وتفسير النصوص الخاص أو حتى اختيار الرأي الأيسر، لقد كانت المذاهب درجات وكنا ننظر لمن هو مختلف عن المذهب الذي نتبعه بأنه أقل منا وأننا أقرب منه إلى الحقيقة، هكذا تعلّم جيلنا وهكذا مورس علينا تغييب فكرنا الخاص وقراءتنا الخاصة التي أمرنا الله سبحانه بها وهي التدبر والتفكر، لقد كانت مهمة التفكير موكلة لغيرنا وعلينا الاتباع وإلا مآلنا النبذ والإبعاد!
هل ينسى مجتمعنا مصطلح العلماء الربانيين وإلزام الناس بالعودة إليهم فقط والأخذ منهم وترك كل ما عداهم وعدم الخوض أو النقاش في أمور الدين وترك هذا للعلماء الربانيين وحدهم، مع أن الدين خبز يومي للإنسان لا يعيش إلا بمعتقد يدفعه للحياة وليس كمثل الطبيب تعوده حين تمرض؟
الجيد الآن أن العلماء الربانيين تنوّعوا وبدأ بعضهم يستقل فكرياً ويتخذ له أفقاً جديداً، أصبح لدى بعض العلماء الربانيين - حفظهم الله - قدرة على الاختلاف والاستقلال الفكري والرؤية التي تنبعث من قراءة مختلفة عن المدرسة التقليدية التي كانت وما زالت تؤمن بحجب بعض العلم عن العامة وتكتفي بأن تذكر القول الذي يرجحه أصحابها دون بسط الآراء كلها وذكر مواضع الخلاف الفقهي وإبراز سماحة الإسلام فيها، ثم يحق للمسلم أن يتبع ما يجده أقرب إلى ارتياحه وبراءة ذمته.
الحوار وفتح النقاش والقراءة الواعية تدفع بالمجتمعات إلى منطقة الضوء والأمان الفكري.