سؤال تكرر كثيراً في كتب ومقالات وبرامج مختلفة، وليس له إلا جواب واحد يكاد يكون متفقاً عليه بين العلماء المثقفين على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم، جواب يقول: قد قدَّم المسلمون للعالم شيئاً عظيماً، وخيراً كثيراً في مجالات الحياة كلها، وفتحوا أبواباً كانت مغلقة في وجه البشر في السياسة والاجتماع والعمران، والقضاء، والعلوم التطبيقية، والعلاقات الإنسانية، والخلافات الدولية، وقبل ذلك كله، في الدين الصحيح الذي ورثه المسلمون من الأمم السابقة بوراثة رسول الله محمد بن عبدالله -صلى الله عليه وسلم- للرسالات السماوية؛ حيث بعثه الله بالدين الكامل خاتماً للأنبياء والمرسلين.
|
جواب واضح تؤكده مسيرة الدولة الإسلامية المباركة التي انطلقت على هدى ورشاد، وجابت الأرض شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً تاركة أوضح البصمات وأعمقها وأسماها.
|
ومن أبرز من أشار إلى ذلك أبو الحسن الندوي -رحمه الله- في كتابه الشهير (ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين) حيث أوضح بالوثائق والحقائق مدى الخسارة الكبرى التي خسرها العالم بتأخر المسلمين وتراجعهم عن القيام بدورهم في الوجود، بعد أن رسموا للدنيا معالم النجاح والفلاح، والتقدم الروحي والمادي في أجمل الصور وأجلاها.
|
وهنالك إشارات كثيرة في بحوث وكتب ودراسات شرقية وغربية تؤكد هذا الجواب، وتوضح جوانب مما قدَّمه المسلمون للعالم منذ انطلاق المسلمين في ظل دولتهم الراشدة التي أقامها ونفذ أحكامها وبنى معالمها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المدينة المنورة، وتبعه من بعده خلفاؤه الراشدون، ومن تلاهم من الأمراء والخلفاء الذين تشبَّعوا بروح الإسلام، وفتحوا به الدنيا، وأنقذوا بعدله ورحمته الضعفاء والمظلومين في أنحاء الأرض.
|
ماذا قدَّم المسلمون للعالم؟
|
سؤال أصبح عنواناً لكتاب صدر حديثاً للمؤرخ الأستاذ الدكتور (راغب السرجاني) وهو مؤرخ إسلامي مصري معاصر يتميز بالدقة فيما يطرح، والاعتماد على ما يصح من النصوص والأخبار والأحاديث، وبشمولية النظرة، وبمراعاة العدل والإنصاف فيما يصدر من الأحكام، ومن ينقل من وقائع التاريخ الإسلامي.
|
جمع الدكتور (راغب) في كتابه هذا معلومات دقيقة موثقة عن تاريخ المسلمين المشرق في مسيرة الحياة البشرية على وجه الأرض، وعن بعض الآثار المشرقة التي ما تزال تضيء للعلم الحديث طريقه، وتفتح له نوافذ الصلاح، واستقامة الطريق.
|
ماذا قدم المسلمون للعالم؟
|
قدَّموا -كما ورد في هذا الكتاب الجامع- كل خير، ففي القرآن مصدر سعادة الروح، وانطلاق الفكر، وشموخ العلم، وفي سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- مصدر الرحمة والإنصاف والعدل، وحب الخير، والتخطيط السليم للحياة بجوانبها كلها دون استثناء.
|
وفي موقف الإسلام من العلوم المختلفة، والآداب، والدراسات، والاختراعات ما يؤكد عظمة ما قدَّمه الإسلام للعالم.
|
وفي مجالات الطب، والهندسة، والرياضيات، وعلوم اللغة ومجالات الاقتصاد المختلفة، قدَّم الإسلام ممثلاً في علماء المسلمين المشاهير في هذه المجالات ما كان وما زال قاعدة لكثير من العلوم في عصرنا هذا، وعلماء الغرب المنصفون يعلنون ذلك، ويرفعون به أصواتهم في لقاءات ومؤتمرات علمية كثيرة.
|
في كتاب (ماذا قدَّم المسلمون للعالم) حقائق ومواقف ومعلومات جديرة بالاهتمام، فلعلها تعيد إلى كثير من المنهزمين من المسلمين ثقتهم بدينهم وتراثهم وقدراتهم العظيمة التي منَّ الله سبحانه وتعالى بها عليهم، فتحية صادقة للدكتور راغب، وتحية لكل من يحوِّل هذه المعلومات إلى برامج عمل نافعة.
|
|
يا حصونا، شموخها لا يُنالُ |
عندها تعلن الخضوعَ الجبالُ |
|