فقدت محافظة الرس منذ أسابيع رجلا سيبقى في ذاكرة الجميع، ويصعب أن يغيب عن الأذهان؛ للجهود التي قام بها للمحافظة في شتى النواحي والمناسبات.. إنه الرمز والعَلَم، وجيه الرس الشيخ (صالح بن مطلق الحناكي) - يرحمه الله -..
.. الذي كان لفقده ألم عظيم. وكم هو مؤلم على كل إنسان الفراق، والأصعب من ذلك أن يكون الفراق لإنسان زرع محبته في قلوب الجميع، الذي أعطى اهتماما لكل مَنْ يلتقي به، وهو من يتمنى لك الخير قبل أن يتمناه لنفسه، كما أنه دائم السؤال عن كل محتاج، ودائما ما يكون مجلسه نقطة لقاء لكل زائر.. أقول: لقد حزن لفراقه كل مَنْ يعرفه ومَنْ لا يعرفه، وكان لخبر وفاته وقع في نفوس الجميعح ليلقى وجه ربه الكريم بمشيئته تعالى إلى جنات الخلود. ونحن عندما نقول هذا الكلام نؤمن بأن المولى - عز وجل - كتب لكل إنسان أن يودع هذه الدنيا إلى الأجل المحتوم لقوله تعالى {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} (34) سورة الأعراف.. وبذلك نؤمن بأن الموت وهو نهاية كل إنسان صغيراً أو كبيراً في هذه الدنيا. والموت باب كلٌ سوف يدخله؛ فهو إحدى المحطات التي يمر بها الإنسان من بداية خلقه في هذا الكون إلى أن يلقى وجه ربه الكريم على ما قدَّم من أعمال وعبادة في حياته الدنيوية.
ولقد كان يوم تشييع فقيدنا الشيخ (الحناكي) والصلاة عليه في مسجده الجامع الذي سُمِّي باسمه وتم الانتهاء من عمارته على نفقته الخاصة من أعمال خيرية متعددة قام بها - رحمه الله - في مناطق المملكة كافة؛ لتكون بمشيئة الله شاهدا له في عمل الخير والإنسانية التي هي عادة يقوم بها منذ سنوات عدة، والمستفيد الغالبية من الفقراء والمساكين والمحتاجين.. أعود وأقول: إن يوم فراقه يعتبر يوما مشهودا؛ لكثرة الحشود التي حضرت جنازته والصلاة عليه من مدن القصيم كافة وخارجها، وكان في مقدمة من صلى عليه وحضر جنازته عدد من أصحاب السمو الأمراء والفضيلة العلماء والمواطنين، ووقف عند قبره الكثير يتسابقون في الدعاء له بالمغفرة والرحمة، ولقد اغرورقت عيونهم بالدموع، ووضح التأثر على كل من حضر، ويشهد بذلك الجموع الغفيرة الذين حضروا جنازته وكلهم يدعون له بالمغفرة والرحمة، ويسألون له نعيما من عنده وجنات تجري من تحتها الأنهار، والدعاء له بالثبات في قبره، وهو بحق غال على كل مَنْ يعرفه؛ فهو يعتبر من رجالات الرس المعروفين الذين لهم بصمات واضحة فيما قدَّم لهذه المحافظة، خاصة في الأعمال الخيرية.
كان - رحمه الله - نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا - تقيا صالحا محبا للخير، حريصا على ما يقوم به لوجه الله، وغالبا ما يقوم بنفسه ويشرف على مشاريعه الخيرية رغم مشاغله المتعددة، وكان قلبه معلقا بالمساجد، وشديد الحرص على صلة الرحم، يزور كل قريب، ويتصل بكل مريض، ويطمئن عليه، بل ويتابع حالته، حتى أنه في مرضه الأخير كان يسأل عن أحوال الأقارب والأصدقاء، وخاصة المرضى.
في الختام نتوجه للمولى العزيز بالدعوات أن يرحمه ويسكنه فسيح جناته، وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة، ويحشره مع زمرة النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا. اللهم أبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وجميع موتى المسلمين، وأسألك يا حي يا قيوم أن تجمعنا به وجميع المسلمين في دار كرامتك، إنك سميع مجيب، كما نسأله تعالى أن يلهم أبناءه وبناته وزوجاته وأحفادهم وعائلة الحناكي كافة الصبر والسلوان، وأن يخلفوه بخير، ويستلهموا من حياته كل ما يرتقي بهم إلى المعالي والرفعة في الدارين. والله هو المولى، وهو نعم النصير.
محافظة الرس