يُقال في الحكمة « إذا أردتَ أن تجني ثمراً فعليكَ أن تبدأ قبلَ ذلكَ بعام، وإذا أردتَ أن تبني وطناً فعليكَ أن تبدأ قبل ذلكَ بعشرة أعوام، أما إذا أردتَ أن تبني إنساناً فعليكَ أن تبدأ قبلَ ذلك بمائة عام!
|
وعند التأمل لهمومنا وطموحاتنا، سواءً الاقتصادية، أو الاجتماعية، وما نأمله من مؤسساتنا الحكومية والخاصة، لوجدنا أن الإحباط يُخيِّم على الكثيرين منا فيما يخص تدني مستوى الموارد البشرية مثلاً أو البيروقراطية وغيرها كأحد هموم القطاع الخاص، أو التوظيف كأحد هموم الشباب السعودي، أو حتى طموحاتنا الكبرى تجاه قضايا أمتنا.
|
فالكل يتحدث عن أن الواقع هو المشكلة، وأن من أبرز أسبابه ضَعف الوعي وضَعف القيادات في مختلف المجالات، ولكن لو تأملنا هذا الواقع بطريقة مختلفة؛ فمثلاُ، لماذا نجد أن أكثر من لاقى انتقادات في مناصبه هو الدكتور غازي القصيبي ؟ والجواب «لأنه من أكثرهم إنجازاً !» ولماذا نُردِّد مثلاً كهذا الذي يقول «غلطة الشاطر بعشرة» ولماذا واجهت دبي انتقادات واسعة جرّاء الأزمة المالية ؟
|
ولو تأملنا أكثر،، في حالنا ونحنُ نقرأ ونسمع بشكل متواصل القصص والشواهد المتعلقة بإنجازاتنا العظيمة فيما مضى من تاريخ أمتنا، أو ما يتعلق بالإنجازات العلمية والتنموية التي تقوم بها الدول المتقدمة اليوم، أو الدول التي نهضت وهي لم تكن تمتلك أية مقومات وثروات طبيعية وتاريخية كسنغافورة، فلربما يتضح لنا بيت القصيد كما يُقال، ألا وهو «المعايير» والتي تؤدي للإحباط أحياناً إذا كان الواقع مبنياً على «توقعات أكثر وإنجاز أقل».
|
والسؤال: هل نخفِّض من سقف توقعاتنا ؟ أم نزيد من عطائنا ؟ أم ماذا نعمل ؟
|
يقول إيمرسون «إن العالم بأسره يُفسح الطريق، لمن يعرف وجهته جيداً «.
|
إذاً فعلينا أولاً أن نعرف طريقنا جيداً، ثم نتعلم من التاريخ ثانياً، ثم نميِّز الفارق الكبير بين الحضارة التي ترتكز على الفكر أولاً لتثمر بعد ذلك منتجاتها، وبين التنمية التي ترتكز على المنتجات أي «المدنية»، ولنتبع المنهج العلمي في الإدارة والقيادة، والتي يقول بأنه يجب على الإنسان أن يحدد مجاله أولاً، بناءً على «القدرة والرغبة والفرصة»، ثم يحدد أهدافه ثانياً، ليضع بعد ذلك الخطوات العملية لتحقيق أهدافه، والتي من ضمن وسائلها «اكتساب المعلومات والمهارات من خلال العلوم والتجارب لمن سبقونا».
|
مع أفضلية تفاوت مستوياتهم، والحقبة الزمنية، والتدرُّج، عبر التعلُّم ممن هم أفضل منا ولكن بفارقٍ ليس بالكبير، لترتفع بعد ذلك المعايير والتوقعات وفقاً لقدوات ومنهجية أعلى، فلو كانت الصين تطمح لمنافسة ألمانيا في الجودة لفشلت، ولكن تتعلم من كوريا، ثم من اليابان، إلى أن تصل لمستوى الألمان، وربما تجاوزتهم، وذلك وفقاً لإستراتيجية مدروسة، أو لمنهج «كايزن» الياباني والمبني على «التطوير الجزئي المستمر». وقديماً قالَ صاحبنا أبو الطيب:
|
لا يُدرِكُ المَجدَ إِلا سَيِّدٌ فَطِنٌ |
لِما يَشُقُّ عَلى الساداتِ فَعّالُ |
لَولا المَشَقَّةُ سادَ الناسُ كُلُّهُمُ |
الجودُ يُفقِرُ وَالإِقدامُ قَتّالُ |
|