تحرص الشعوب على إظهار فرحها وسرورها في ذكرى المناسبات الوطنية، والشعوب الإيرانية مثلها مثل غيرها من الشعوب وجدت في 11 فبراير - شباط مناسبة وطنية، فهذه المناسبة رأى فيها الإيرانيون جميعاً من فرس وأكراد وبلوش وأذريين وحتى عرب الأحواز بداية لتحسين أوضاعهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وأن يحقق التغيير التي اشترك في إحداثه كل شرائح الشعوب الإيرانية وجعلوا من الخميني رمزاً لهم، كونه شخصية دينية تحظى باحترام وتأييد الفاعلين في أحداث ذلك التغيير وخاصة رجال البازار في طهران الممولين ل(الثورة الإيرانية) والوطنيين الذين قارعوا نظام الشاه وخصوصاً حزبي توده (الحرية) ومجاهدي خلق والتي تعني مجاهدي الشعب. ولأن الخميني أحد كبار رجال الدين في إيران، وكان الشخصية الكاريزمية الطاغية، فقد جمع حوله رجال الدين من جماعته وصبغ الثورة بتوجهاته السياسية والفكرية والمذهبية، ليتم تحويل الثورة الإيرانية منذ بداياتها ويتم التخلص من الشركاء في هذه الثورة فصيلاً بعد الآخر والإطاحة بالأشخاص والرموز بدءاً بإبراهيم يازدي ثم أبو الحسن بن صدر وصولاً إلى نائب خميني حسين منتظري، ليخلو الجو السياسي والديني تماماً للتيار الأكثر تشدداً والذي كونه خميني ليصبغ بعد ذلك مستقبل إيران السياسي ليؤول الأمر.. كل الأمر سياسياً واقتصادياً بل وحتى عسكرياً للملالي الذين أصبحوا الآمرين والناهين ويفرضون على كل الشعوب الإيرانية خياراتهم الفكرية والطائفية بل وحتى السلوكية، لتتحول إيران إلى سجن كبير جعل الإيرانيين يترحمون على أيام الشاه رغم ظلمها وقسوتها.
الشعوب الإيرانية وفي مقدمتها الشعب الفارسي أعلنت رفضها لأساليب مصادرة رأيها وفكرها وحريتها وحتى آدميتها، وحاولت التغيير وفق الأساليب المتاحة عبر صناديق الانتخابات إلا أنها فشلت في إحداث التغيير، فحتى وإن تجاوز الذين ينتخبهم الشعب عمليات التزوير فإن الرئيس المنتخب لا يستطيع أن يغير شيئاً في ظل سيطرة الملالي على كل مفاصل الدولة.
وأمام كل هذا الإحباط الذي يستشعره الإيرانيون جميعاً التفوا حول الإصلاحيين رغم أنهم جزء من (الملالي) إلا أنهم وأملاً في التغيير حاولوا المساندة لعل وعسى، إلا أن (هراوات) النظام وأصحاب الملابس السوداء وراكبي الدراجات النارية تكفلوا بخنق أي صرخة وإجهاض أي محاولة لتحسين الوضع في قمع يظهر كم هي مساحة ودرجة كره النظام لشعوبه.
jaser@al-jazirah.com.sa