لم يكن المريض بمعزل عن اهتمام الإسلام بأفراده، بل لقي من الاهتمام ما ينتشله من عزلته، وقد تجلى ذلك في النداء إلى زيارته وجعل تلك الزيارة ضمن حقوق المسلم على أخيه المسلم، وأحيطت تلك الزيارة بالفضائل التي تستنهض العزيمة وتعالج الفتور والتقاعس فما يكون من المسلم إلا أن يبادر إلى أخيه المريض يتفقده بالزيارة.. يقول- صلى الله عليه وسلم -:(إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي. قَالَ يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ. قَالَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلاَنًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ..)، وفي حديث آخر يقول- صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَزَلْ في خُرْفَةِ الْجَنَّةِ». قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا خُرْفَةُ الْجَنَّةِ قَالَ «جَنَاهَا».
لكن بالرغم من تلك التوصية هناك في المستشفيات وبالتحديد في غرف المرضى وخلف تلك الستائر سنجد حكايات مؤلمة لمرضى قد تضرروا من تجمد العواطف الذي ابتلي به كثير من الأقارب والأصدقاء، وأصبح أولئك المرضى نسياً منسياً في تلك الزوايا بعد أن تباعدت الزيارات عليهم.. وهذا ليس خاصاً بالمرضى المقيمين في تلك المستشفيات، بل هناك إخوة لهم خيم عليهم المرض في منازلهم.. قلت عليهم الزيارات وهجروا هم أيضاً.
وبعد
ليس منا إلا وله مريض قريباً أو أخاً في الإسلام فلنتفقدهم بالزيارة ونخلص النية لله في تلك الزيارة نسعى إلى إدخال الأنس والطمأنينة على تلك النفوس التي أعياها المرض ونجعلها فرصة لترقيق قلوبنا، وكسر حدتها بالتفكر بحالهم، وبذلك تحقق الزيارة الهدف الذي قصده الإسلام منها ففي الدنيا ترابط وتآخي وأنس ترتفع به الروح المعنوية للمريض وفي الآخرة أجر عظيم.
(*) بريدة