Al Jazirah NewsPaper Friday  12/02/2010 G Issue 13651
الجمعة 28 صفر 1431   العدد  13651
 
مؤكداً حاجة الناس إلى الخطاب الدعوي الواضح.. مدير المكتب الدعوي بعرعر لـ(الجزيرة):
الدعوة لا تقتصر على منبر المسجد.. وعلى الداعية أن يوجد لنفسه مكاناً في التقنية

 

عرعر - خاص بـ (الجزيرة) :

حثَّ فضيلة المدير التنفيذي للمكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بعرعر الشيخ خالد بن جريد العنزي، الدعاة إلى الله بأن يلتزموا بالإخلاص وتقوى الله، وأن يكونوا قدوة حسنة في دعوتهم؛ حتى يتمكنوا من إيصال دعوتهم، وتبليغ الناس بالدعوة إلى الله، وجذب الناس إلى الإسلام، وامتثال أوامره واجتناب نواهيه.

وشدَّد على الدور المهم المناط بالدعاة إلى الله في مواجهة دعاة الفكر الضال، ومروجي الشبهات، والتصدي لذلك من خلال ربط الناس بالعلم والعلماء الربانيين الذين يسيرون على منهج السلف الصالح، وفَهْم النصوص الشرعية، وحث الناس على لزوم جماعة المسلمين.

جاء ذلك في معرض إجابة الشيخ العنزي عن عدد من الأسئلة حول رسالة المكاتب التعاونية، والدعوة إلى الله، وصفات الداعية، ورسالته في المجتمع المسلم.

* تتمحور رسالة المراكز الدعوية والمكاتب التعاونية للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات في الدعوة إلى الله، ونشر الدين الإسلامي بالأساليب الشرعية المباحة.. نود منكم أن تسلطوا الضوء على هذا الجانب المهم؟

- إن مما أنعم الله تعالى به على هذه البلاد المباركة أن يسَّر لها دولة تقوم على التوحيد والسُّنة، وأُرسيت دعائمها على الخير والصلاح والحق والدعوة إلى الله. وإنَّ من أبرز ثمرات هذه البلاد وجود وزارة مستقلة ترعى الشؤون الإسلامية والدعوة إلى الله، ومن فروعها المكاتب التعاونية، التي لم تترك سبيلاً من سبل الخير إلا طرقته، عبر المحاضرات والدروس والأشرطة والكتب الموزعة، واللقاءات الدعوية المثمرة، والإنترنت، وغير ذلك من الوسائل التي لم تترك لأحد حجة في ألا يتبصر بدين الله تعالى، ويقيِّم خطأه، ويستنير بنور السنة المحمدية؛ فلله الحمد والمنة.

* هل بالإمكان أن تكشفوا للقراء أبرز المنجزات التي تحققت خلال العام المنصرم 1430هـ؟

- بحمد الله وتوفيقه أعلن 106 أشخاص دخولهم في دين الله تعالى خلال العام المنصرم، وأُقيم 850 برنامجاً دعوياً متنوعاً للجاليات الموجودة في المدينة. كما تمت إقامة مشروع تفطير للصائمين بلغت تكلفته نحو 500 ألف، واستفاد منه أكثر 72000 شخص خلال الشهر المبارك، كما تم توزيع أكثر من 44.126 مادة دعوية بين أشرطة وكتيبات، وسيَّر المكتب رحلة حج واحدة وخمس رحلات عمرة، استفاد منها 241 رجلاً وامرأة.

* الداعية إلى الله تعالى هو ركن الدعوة الذي لا تقوم إلا به، ومتى كان الداعية يتمتع بصفات عالية رفيعة مميزة كان مؤهلاً لحمل الدعوة إلى الله وإيصالها إلى الناس واستجابتهم له، وبمثل ذلك تقوم الدعوة إلى الله، وبه يهتدي المهتدون ويقتدون. ما أبرز الصفات التي يجب أن يتحلى بها الداعية إلى الله؟

- الداعية إلى الله يجب أن يتحلى بصفات عدة، أولها الإخلاص والتقوى؛ فكلما كان الإخلاص أصدق، والإيمان أقوى، كان التوفيق أعظم، والأجر أكبر. والتقوى لازمة للداعية لزوم الماء للشجر، والروح للجسد، وهي العمل بدين الله ظاهراً وباطناً، وبخاصة فيما يدعو إليه، وإنّ امرأً لا يعمل بما يدعو إليه حري ألا يوفقه الله - عزَّ وجلَّ - إلى ذلك، ولا يُقبل منه عمله، قال تعالى: {إِنّمَا يَتَقَبّلُ اللّه مِنَ الْمُتّقِينَ}.

ولأهمية التقوى جاء الخطاب بتقوى الله مفرداً بسيد الدعاة رسول الله في أول سورة الأحزاب {يَا أَيّهَا النّبِى اتّقِ اللّه وَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنّ اللّه كَانَ عَلِيماً حَكِيماً}، ولا شك أن الأمة كلها مطالبة بهذا، لكن توجيه الخطاب للنبي (صلى الله عليه وسلَّم) له مقصود كذلك. وبالتقوى يحصل توفيق عظيم، وسداد للأقوال، وإصلاح للأعمال، قال تعالى: {يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اتّقُواْ اللّه وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللّه وَرَسُولَه فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}، وبالتقوى يعين الله الداعية، ويهبه ملكة التفريق بين الحق والباطل.. والخلاص من المواقف المحرجة.. فضلاً عن تكفير سيئاته، ومحو زلاته، قال تعالى :{يِا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوَاْ إَن تَتّقُواْ اللّه يَجْعَل لّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفّرْ عَنكُمْ سَيّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّه ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}.

الصفة الثانية: العلم والفقه بما يدعو إليه. إن من أعظم ضروريات الدعوة إلى الله تعالى أن يكون الداعية عالماً بصورة عامة، مدركاً لما يدعو إليه، فقيهاً فيه بخاصة، قال تعالى :{قُلْ هَذِه سَبِيلِى أَدْعُو إِلَى اللّه عَلَى بَصِيرَة أَنَاْ وَمَنِ اتّبَعَنِى وَسُبْحَانَ اللّه وَمَآ أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، والبصيرة أخص من العلم العام، وفيها معنى زائد عليه؛ فهي تعني: البينة والإدراك، والوضوح، والفهم، واليقين. ومن البصيرة أن يدرك الداعية عواقب الأمور، وألا يغفل عن النتائج في أقواله وتصرفاته، قال ابن تيمية: «فلا بد من هذه الثلاثة: العلم، والرفق، والصبر. العلم قبل الأمر والنهي، والرفق معه، والصبر بعده». وإن كان كل من الثلاثة مستصحباً في هذه الأحوال، وهذا كما جاء في الأثر عن بعض السلف ورووه مرفوعاً، وذكره القاضي أبو يعلى في المعتمد: «لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا مَنْ كان فقيهاً فيما يأمر به، فقيهاً فيما ينهى عنه، رفيقاً فيما يأمر به، رفيقاً فيما ينهى عنه، حليماً فيما يأمر به، حليماً فيما ينهى عنه».

* قدوة الداعية في ذاته من أهم أسباب نجاح دعوته، وتقريب الناس إليه، وقبولهم لدعوته والاستجابة له.. ما تعليقكم على ذلك من خلال قيامكم بهذا العمل المبارك الذي هو ميراث الأنبياء والرسل؟

- القدوة بالنسبة إلى الداعية مهمة جداً؛ لأنه يحمل علماً وفقهاً لا بد أن ينعكسا عليه أولاً حتى ينعكسا على غيره. ومن الوسائل المهمة جدًا في تبليغ الدعوة إلى الله، وجذب الناس إلى الإسلام وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، القدوة الطيبة للداعي وأفعاله الحميدة وصفاته العالية وأخلاقه الزاكية؛ ما يجعله أسوة حسنة لغيره، يكون بها أنموذجًا يقرأ فيه الناس معاني الإسلام؛ فيقبلوا عليها وينجذبوا إليها؛ لأن التأثر بالأفعال والسلوك أبلغ وأكثر من التأثر بالكلام وحده.

إنَّ الإسلام انتشر في كثير من بلاد الدنيا بالقدوة الطيبة للمسلمين التي كانت تبهر أنظار غير المسلمين وتحملهم على اعتناق الإسلام؛ فالقدوة الحسنة التي يحققها الداعي بسيرته الطيبة هي في الحقيقة دعوة عملية للإسلام، يُستدل بها سليم الفطرة راجح العقل من غير المسلمين على أن الإسلام حق من عند الله.

ومن السوابق القديمة في أهمية السيرة الحسنة للداعي وأثرها في تصديقه والإيمان بما يدعو إليه أن أعرابيًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: مَنْ أنت؟ قال: أنا محمد بن عبدالله. قال الأعرابي: أأنت الذي يُقال عنك إنك كذاب؟ فقال: أنا الذي يزعمونني كذلك. فقال الأعرابي: ليس هذا الوجه وجه كذاب، ما الذي تدعو إليه؟ فذكر له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يدعو إليه من أمور الِإسلام؛ فقال له الأعرابي: آمنت بك وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله. فالأعرابي استدلَّ بسَمْت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووجهه المنير الكريم الذي يكون عليه أهل الصدق والأخلاق الكريمة، استدلَّ بذلك على صدقه فيما يدعو إليه - صلى الله عليه وسلم -.

* تنتشر في المدن والمحافظات كافة المراكز الدعوية والإرشادية والمكاتب التعاونية للدعوة والإرشاد، كيف نقوي الدور الاجتماعي لهذه المراكز والمكاتب في المناطق الموجودة بها، وزيادة النشاط الدعوي؟ وما المطلوب لجعل عمل هذه المكاتب عملاً مؤسسياً ومتكاملاً؟

- تقوية الدور الاجتماعي للمكاتب تتم من خلال إقامة البرامج التي تغطي في تنفيذها شرائح المجتمع المختلفة؛ فمثلا تكون هناك برامج موجَّهة للشباب، وأخرى لكبار السن، وثالثة لصغار الحي، وهكذا.

* كيف يمكن أن يحسن الدعاة إلى الله تبليغ الدين الإسلامي بالأساليب العصرية المرتبطة بتطوُّر وسائل الاتصال المتنوعة؛ وبالتالي استثمار تلك الأساليب والوسائل للوصول إلى أفضل النتائج في إيصال هداية البلاغ والبيان التي تحقق لدين الله العزة والانتشار؟

- التطوير الشخصي للداعية مطلب، خصوصاً في هذا الوقت الذي تتسارع فيه وتيرة التقنية؛ فأصبح الأمر لا يقتصر على منبر مسجد فقط أو على كتاب أو شريط؛ بل تعداه إلى استخدام تقنية الإنترنت المكتوبة والصوتية بل وحتى المرئية في إقامة الدورات العلمية والمحاضرات والدروس، وكذلك تقنية البلوتوث في نقل المواد الدعوية إلى الشريحة المستهدفة؛ فالداعية في خضم هذه الأمور يجب عليه أن يوجد لنفسه مكاناً في هذه التقنية؛ حتى يستفيد منها ويسهل عليه الوصول إلى شريحة كبيرة.

* يحاول دعاة الزيغ والضلال والشبهات نشر بعض المفاهيم الخاطئة، بل والتشكيك في بعض الأحكام الشرعية، ولَي بعض النصوص الشرعية لتتوافق مع أهوائهم ومآربهم الباطلة.. ماذا يتوجب على الدعاة إلى الله تجاه ذلك؟ وكيف يمكن التصدي لأصحاب تلك الدعاوى وتصحيح مفاهيم الناس ليتقوا شرورهم؟

- بالفعل في الآونة الأخيرة انتشرت هذه الظاهرة مع توافر وسائل نقل المعرفة بيُسر وسهولة من مواقع وغيرها، ولكن واجب الدعاة إلى الله في مثل هذه الظروف ربط الناس بالعلم والعلماء الربانيين الذين يسيرون على منهج السلف الصالح في فَهْم النصوص الشرعية، وحث الناس على ترك المتشابه ولزوم جماعة المسلمين في رأيهم.

* تختلف أفهام الناس وقدراتهم الفكرية والذهنية، وهنا تبرز أهمية الخطاب الدعوي الموجَّه للمدعوين. ما - في نظركم - أبرز ملامح الخطاب الدعوي، وخصوصاً في هذا الزمن الذي تعددت فيه وسائل الإعلام والاتصال التي أصبحت عاملاً مؤثراً في تفكير الناس وتوجهاتهم؟ وما المطلوب لتجديد الخطاب الدعوي المعاصر؟

- الناظر بعين البصيرة إلى واقع الناس في هذا الزمن يلمس حاجة الناس إلى الخطاب الدعوي الواضح الذي يبعدهم عن الانجراف في مزلات الأقدام؛ لذلك فالوضوح هو أهم سمة من سمات الخطاب الدعوي المؤثر، يليه الرسوخ والثبات في المفاهيم المستقاة من الشارع الحكيم، ثم العمل بمبدأ الاحتياط لدين الناس، هذا المبدأ الذي سار عليه أهل العلم الربانيون.

* المجتمع المسلم، وخاصة في عصرنا الحاضر، يواجه العديد من المشكلات الاجتماعية، والأخلاقية، والفكرية.. ومما لا شك فيه أن الداعية إلى الله أحد المعنيين مباشرة بعلاج مثل هذه المشكلات. ما المنهج المطلوب أن يتبعه الداعية في تقديم الحلول والعلاج المناسب لمثل هذه المشكلات؟

- منهج العلاج لمشكلات المجتمع والشباب والمشكلات الفكرية هو الحكمة، ووزن الأمور بميزان الشرع، والبُعد عن تحكيم العقل في فَهْم أمور الدين وتفصيل النوازل بالعقل المجرد.

* ما الجديد لديكم ولم يُعلن بعد؟

- هناك برامج دعوية مختلفة، منها لقاءات شهرية ومسابقات ستكون للجاليات غير الناطقة باللغة العربية، إضافة إلى خطة مستقبلية لبناء دعاة باللغات المختلفة، إضافة إلى خطة لطبع أكثر من 50 ألف كتاب بلغات متعددة.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد