الجزيرة - نايف الفضلي
عقدت ندوة «الصحفي ما له وما عليه» في مقر هيئة الصحفيين السعوديين، والتي شارك فيها كل من الأستاذ الزميل جميل الذيابي مدير التحرير في الزميلة الحياة، والأستاذ عبد الرحيم باوزير المستشار القانوني وأمين عام لجنة النظر في المخالفات الصحفية بوزارة الثقافة والإعلام، والزميل الأستاذ صالح الشيحي الكاتب بجريدة الوطن والذي أدار الندوة في ظل حضور كثيف اكتظت بهم القاعة من الإعلاميين والإعلاميات وبعض من المسؤولين والأساتذة الأكاديميين ولفيف من المهتمين وطلبة الإعلام.
واعتذر عن المشاركة في الندوة الدكتور هاشم عبده هاشم رئيس تحرير صحيفة عكاظ سابقاً لعارض صحفي ألمَّ به منعه من الحضور.
استهل الشيحي افتتاحيته بالتأكيد أن الموضوع تحت عنوان «الصحفي ما له وما عليه» هو واسع ومتشعب, وأنه رغم ذلك سوف نخوض غمار العنوان لنصل إلى رؤية مشتركة بين الجميع، ما هي حقوق وواجبات الصحفي، ما له وما عليه، وهل هذه الحقوق واضحة، وهل يعلم الصحفي ويعي تلك الواجبات والحقوق، وهل هناك تقصير من بعض الجهات المسؤولة، أم أن التقصير من الصحفي نفسه؟ في ظل هذه الأسئلة التي وجهها الشيحي للضيوف المتحدثين كأنه اطلع على جل تلك الأفكار التي تزاحم عقول الحاضرين وأطلق أول سهامه لتثير حماسة الحضور والمتواجدين ولتنال كل مسامعهم.
حينها ابتدأ الدكتور حمود البدر عضو مجلس الشورى السابق أولى كلمات الندوة، حيث شجب فيها ما سماها ثقافة الإثارة والتي تطغى -بحسب ما يقول- على كثير من الصحف -للأسف- وأن هذه تمثل نكسة في عمل الصحفي الذي يلجأ لاقتناص ما يضيف الإثارة على أخباره وإن كانت مختلقة وذلك على حساب ما يحتاجه المجتمع فعلاً، وحرص الدكتور البدر في جل حديثه على الاستدلال بين الحين والأخرى بالأحاديث الشريفة التي تدعم استشهاداته وبعدة أقاويل لعلماء ومفكرين آثروا في مسيرة المعرفة والمهنية.
وأضاف البدر: إن هناك من الصحافيين من يعتمد في أخباره على كلمة واحدة ليجعلها عنواناً مثيراً لخبره دون مراعاة لأهمية المجتمع والرسالة الصحفية التي تقتضي الوضوح، وكل ذلك من أجل أن تتناقل وكالات الأنباء العالمية الخبر باهتمام بالغ.
وطالب البدر بضرورة تدريب وتأهيل الصحافيين عن طريق المؤسسات الإعلامية أو المراكز المختصة بمنحهم الدورات التأهيلية الكافية، وكذلك بتعريفهم بقواعد النشر الصحفي ليستطيعوا اتخاذ الطريق السليم في عملهم دون السلوك في طرق أخرى.
وكشف المستشار عبدالرحيم باوزير بأن نسبة القضايا التي كسبها الصحفي من مجمل القضايا المرفوعة للجنة خلال الست السنوات السابقة تبلغ 73% فما بال البعض يهمل هذه النسبة المرتفعة ويتلقف النسبة الأقل وتضخيمها!
ومع ذلك أقر باوزير إلى أن اللجنة لم تبلغ وسائل الإعلام المعنية بهذا الأمر الذي يتعلق بهم بعد حسم الأمر، وقال: «المفترض إبلاغهم ليعلموا الأسباب وراء الشكوى».
وأهمية التزام الصحفي بالسياسة الإعلامية للمملكة واحترام الضوابط التي نص عليها نظام المطبوعات التي وضعت لحماية الصحفي وحقوق الطرف الآخر، وشدد باوزير على «لا حرية بلا صحافة ولا صحافة بلا حرية ولا أي منهما دون ضوابط».
وقال: يحق للصحفي النقد ولكن عليه التقيد بضوابط المجتمع وعدم التدخل بالشؤون الخاصة للأفراد, مشيراً إلى أن انتقاد الأحداث التاريخية حق مشروع لكل صحفي ما لم يتجاهل حقائق تاريخية لها دور في الحدث.
وبين باوزير أن وزارة الثقافة والإعلام لا يمكن لها تعديل نظام المطبوعات ما لم تكن هناك مشاركة من الجهات المعنية التي تعمل بالنظام لتحديد الخلل، مؤكداً أن اللجنة سوف تعمل على تطبيق النظم والحكم فيها وهذا هو الدور المنوط بهيئة الصحفيين أن تنسق مع الوزارة للوصول إلى رؤية مشتركة تخدم الكل.
واعتبر باوزير أن نشر الجرائم وأخبار المحاكم قد يكون فيه مساس بالقضية وتأثير على مجرى التحقيق، مشيراً إلى أن المتضرر يحق له تصحيح المعلومات المغلوطة التي أصابته من وراء نشر الموضوع في نفس مكان النشر وفي أول عدد يصدر بعد وصول التعقيب.
بعدها استلم الزميل جميل الذيابي زمام الكلمة ليشن هجوماً لاذعاً اتفق الكثير من المتواجدين أنه «قاسي» على الصحفيين متعددي المهن الذين لا يولون عملهم حق الاهتمام المنوط بهم، وأكد بلغة حادة أن «صاحب صنعتين كذاب» وأن هذه تنطبق على هؤلاء!
مضيفاً في الوقت نفسه وكأنه يحتاط لغضب بعض الحضور بأن غياب الأمن الوظيفي هو الدافع الأكبر لكون معظم الصحفيين في المؤسسات الإعلامية غير، داعياً في نفس الوقت إلى وجود ميثاق شرف للعمل الصحفي وميثاق حقوق الصحفي في الصحف السعودية حتى يعرف الصحفي ما له وما عليه.
ووصف بأن ميثاق الشرف لجريدة الحياة هو بمثابة المرشد والقائد له في العمل الصحفي وعلاقته مع عناصر المؤسسة الصحفية.
ودعا الذيابي إلى ضرورة تعديل نظام المطبوعات والنشر في المملكة، الذي كما وصفه «قديم ومضى عليه الزمن وفضفاض ويجب إجراء العمليات الجراحة اللازمة لمعالجته»، وقال: هذا النظام الذي لا يتوازى مع التطور الكبير الذي تشهده وسائل الإعلام.
وعن إشكالية غياب التنسيق بين محرري الصحيفة وتضارب الخبر، أكد الذيابي بأن التنافسية هي السبب التي أعمت بصيرة الصحفيين لإلتقاف الأخبار وكسبها على حساب اسم المؤسسة الصحفية التي ينتمون لها ولزملائهم.
وأبدى الذيابي إعجابه بسياسة وجود الناطقين الإعلاميين وأن تجربة وزارة الداخلية تستحق الإشادة بالفعل، وأبدى امتعاضه من بعض تصرفات المسؤولين في المؤتمرات الصحفية حيث تحجز الصفوف الأولى لهم دون الحاجة الفعلية لتواجدهم مما يهمش الإعلاميين الحاضرين حيث الهدف هي المنصة بمن عليها من المسؤولين المخولين والصحفيين وهم الطرف الآخر بهذه البساطة المتعارف عليها، وليس إثبات تواجدهم أمام المسؤول أو الوزير بهذه الصورة.
وآثر مداخلة محتدمة من الزميل جاسر الجاسر مدير قسم الشؤون السياسية بصحيفة الجزيرة، وجه سؤاله للجميع وهو «هل توجد مهنة حقيقية تسمى الصحافة هنا؟»
فالصحفي هنا -كما يقول الجاسر- هو مجرد عامل مثل أي عامل مقيم في بلادنا!! وهنا طالب فيها الجاسر بأن توجد هوية حقيقية للصحفي تحفظ حقوقه وكرامته، فكيف نطالب بحقوق الصحفي وما له وما عليه، وأقل حق ممكن أن يحصل عليه منتهك، ألا وهي هويته.. لذا لا بد من تأصيل مهنة الصحافة وإعطائها الاعتبارات التي تعطي لمفهوم الصحافة قيمتها الحقيقية.
ووافق جميل الذيابي ما ذهب إليه الجاسر حيث صرح وقال: «لا عليك يا أبا عبدالعزيز.. فأنا ما زلت متسبباً في نظرة الهوية الوطنية التي أحملها»!!!
وفي مداخلة لإحدى الإعلاميات أنه يساء لهن باستمرار في بعض المناسبات بالداخل، وآخرها ما حدث في أحد المؤتمرات العالمية ومنعهن من الدخول وحضور المؤتمر بحجة وجود رجال! ومع ذلك سمح بتواجد الإعلامية العربية الشقيقة والأجنبية!
وأضافت: «حتى الصحافيون السعوديون يهمشون بسبب ارتدائهم للشماغ». وطالب بوجود الجهة التي تسمع شكواهم وتنظر فيها وتنصفهم
وصرح الأستاذ المنيع عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أنه أنشئت لجنة تقوم بحماية الصحفي وإنصافه أمام الجهات المختلفة، وأنها ترحب بأي تعاون معهم، في إشارة واضحة لهيئة حقوق الصحفيين السعوديين.
وشهدت الندوة حضور عدد من الناطقين الإعلاميين لشرط المناطق في المملكة وذلك تجاوباً مع الدعوة التي قدمتها هيئة الصحفيين السعوديين للجهات ذات العلاقة مع وسائل الإعلام. وتحدث الناطقون عن بعض همومهم التي يجدونها في التعامل مع وسائل الإعلام.
في نهاية الندوة طالب الحضور بأن تدرج الهيئة ما حدث هذا المساء في محضر مثبت تبني عليه سياساتها وقراراتها لما فيه من خدمة العمل الصحفي بأكمله، فالوقت قد حان لأن يتطور مفهوم الصحافة قانونياً وتشريعياً وعملياً.