من المعروف أن الصفحات الرياضية هي المنبر الذي يطل من خلاله العديد من الكتاب المنتمين والمهتمين بالشأن الرياضي والساحة في الصحافة الرياضية تتسع للكثير من أصحاب الأقلام المتباينة في طرحها، حيث إن لكل كاتب رؤية معينة ونهجاً خاصاً، ومع ذلك يظل احترام القارئ والمتابع هو السمة التي يتحلى بها الكثير من الكتاب الرياضيين على اختلاف ميولهم.
لكننا نجد من هؤلاء الكتاب من يمثل النشاز في تلك المنظومة وهم قلة - ولله الحمد -، لكنها تظل تعكّر صفو التنافس الرياضي والمتعة التي من أجلها وجدت الرياضة؛ فلقد ابتليت الصحافة الرياضية بأشخاص اتخذوا من قاعدة (خالف تعرف) طريقاً ومنهجاً يسيرون عليه في كتاباتهم حيث دأبوا على ممارسة الخربشة والتدليس في كتاباتهم، ولعل أحدهم قد أطل علينا بعد تتويج الهلال ببطولة الدوري بمقال هزيل تطاول فيه على مقام الرئاسة العامة لرعاية الشباب، مستهزئاً ومستخفاً بقراراتها، متهماً إياها بمحاباة الهلال بطريقة التتويج بالبطولة، علماً بأن الهلال قد ضمن البطولة قبل مباراة التتويج، وما فوزه في تلك المباراة إلا زيادة في عدد النقاط (رجاحة)؛ فهو - هداه الله ورده إلى طريق الصواب - لم تسعفه أدواته وإمكاناته ولم تشفع له تجربته، وأخذ يهرف بما لا يعرف؛ فهو لم يجد في هذا اليوم الفرائحي الجميل سوى العويل على تلك التنازلات الممنوحة للبطل - على حد زعمه -، وما تلك التنازلات التي ساقها إلا أوهام تعشش في خياله المريض؛ فلقد وجد نفسه وحيداً يجدف ضد التيار في ذلك اليوم؛ حيث انهالت التبريكات من جميع المنتمين إلى الرياضة بمختلف ميولهم مباركين للبطل بطولته ولم يبقَ سوى ذلك النشاز يجتر همومه وأحزانه وحيداً حيث أثقلت كاهله تلك النتائج التي حققها البطل؛ فالهلال الأول دفاعاً وهجوماً والأكثر فوزاً والأقل تعادلاً، ولم يخسر سوى مباراة وحيدة في مشواره، إضافة إلى لقب الهداف ووصيفه، والأهم من ذلك كله خلو سجله من البطاقات الحمراء التي بلغت 42 بطاقة موزعة على جميع الفرق، علماً بأن أكثر المباريات قوةً وحساسيةً قادها حكام أجانب. عند ذلك أسقط في يده فلم يجد أي مبرر ينفث من خلاله سمومه التي اعتاد عليها، وبعد أن استعاد هدوءه واتزانه انفرجت أساريره وانتفض قائلاً لنفسه: (وجدتها)؛ فلقد ألهمته عبقريته الفجة حينما وجد في طريقة التتويج التي لم ترق لمزاجه المتعكر مدخلاً للنيل من هذا الكيان، لكن صوته الهزيل لم يجد صدى وتاه في أجواء الاحتفال. وهنا لا بد لنا من التوقف عند مبدأ التنازلات المزعومة التي من خلالها أراد أن يسوّق لبضاعته المضروبة، ولكننا سنتوقف عند ذلك ونطرح بعض الأسئلة على طريقة (بضاعتكم ردت إليكم)، وكما يقول المثل: (على نفسها جنت براقش)، ولعلنا نجد في تلك الأسئلة جواباً شافياً لمََن في نفسه مرض، علماً بأنني لم أكن أرغب في نبش مثل تلك الأمور، ولكنها حيلة المضطر التي عناها الشاعر.
نقول: أولاً ماذا لو أن الهلال هو من استبدل اللاعب البرازيلي ديمبا في فترة سابقة وبطريقة فيها تحايل مكشوف على النظام؟ ثانياً: ماذا لو أن الهلال هو من سجل اثنين من اللاعبين الأجانب في بطولة عالمية وبطريقة غير نظامية تم التغاضي عنها دعماً لممثل الوطن قبل كشفها من قبل المنافسين في تلك البطولة؟ ثالثاً: ماذا لو أن كابتن الهلال قد أملى على حكم المباراة أن يطرد أحد لاعبي الفريق المنافس بعد أن سجل هدفاً، وعبّر عن فرحته بطريقته الخاصة؟. رابعاً: ماذا لو تم طرد مدرب الفريق المنافس للهلال على البطولة في مراحل الحسم للدوري، كما حدث لمدرب الهلال السابق؟ وكيف ستكون ردة الفعل لهذا الحدث؟ خامساً: ماذا لو كان الهلال هو الطرف الآخر في مباراة الفتح في بطولة الأمير فيصل بن فهد، والتي شهدت جدلاً واسعاً، وأقر الجميع بالظلم الذي وقع على الفتح؟ هل سيتم التعاطي مع ذلك الحدث بنفس الطريقة وبنفس الطرح؟ ولعل ما أوردناه من نماذج يكون كافياً، وإلا فهناك المزيد، والذي قد لا يتسع المجال لذكره، علماً بأنني لست راصداً ولا متابعاً جيداً لمجمل الأحداث الرياضية، حيث إن ما ورد أعلاه ما هو إلا استعادة من الذاكرة لأحداث سابقة يعرفها الجميع، ولم آت بجديد، ولعلنا هنا نذكر ما حدث في دوري العام الماضي حينما فقد الهلال نقاط مباراته مع نجران بصافرة حكم، وحصد الاتحاد نقاط مباراته مع الحزم بأخطاء من الحكم نفسه، وبنتيجتي هاتين المباراتين تغيّر مجرى البطولة، ومع هذا يظل نادي الاتحاد بطلاً نال البطولة عن جدارة واستحقاق، وليس في هذا مجال للتشكيك بقدر ما هو للاستشهاد فقط، والمتابع الحصيف يدرك أن التحكيم جزء من هذه اللعبة، وأن الأخطاء واردة على الجميع، ولكن ماذا لو كانت النتيجة العكس فيما حدث في تلك المباراتين؟ ماذا سيقول أولئك المأزومون؟
نحن نعرف أن الكثير من الكتاب يترفعون عن الرد على مثل ذلك النشاز، ولكن بما أنه يتبوأ مركزاً إعلامياً في أحد الأندية العزيزة على قلوبنا فلا بد من كشف أكاذيبه وخزعبلاته، ومن هنا فإننا نتمنى أن تواكب الإجراءات التي سيتم اتخاذها في المستقبل لحماية الحكام، إجراءات مماثلة ضد الكتاب الخارجين على النص لحماية المجتمع الرياضي من هذه الفئة التي تسعى لإثارة التعصب وزرع الكراهية ونشر الحقد وتأصيل نظرية المؤامرة وثقافة الوهم؛ لأن هؤلاء لن نجني من أقلامهم سوى المزيد من التأجيج والاحتقان وتعكير الأجواء الرياضية.
صالح بن عبدالكريم المرزوقي