كتب د. عبد الله صادق دحلان في جريدة الوطن يوم الأحد الماضي مقالاً عنوانه (أول مشروع صحي أهلي لمعالجة مرض السرطان) ومما جاء في ثنايا المقال ما نصه: (... ورغم جهود وزارة الصحة الكبيرة إلا أن المبادرات الخاصة ما زال عددها محدوداً، ومن هذه المبادرات المبادرة التي تبناها بعض من الرجال المخلصين للعمل الاجتماعي ويأتي على رأسهم المرحوم بإذن الله الشيخ خالد بن سالم بن محفوظ الذي تبرع قبل حوالي عشرين عاماً بمبلغ يتجاوز العشرين مليوناً لبناء مركز الكشف المبكر لمرض السرطان الذي تبنى إنشاؤه أعضاء اللجنة الصحية آنذاك... وتم بالفعل بناء المركز وكان له دور مهم وفعَّال في استكشاف المرض مبكراً. ولم تتكرر المبادرات المماثلة في هذا المجال ولهذا المرض إلا بعد أن أعلن الأسبوع الماضي عن هذا المشروع !!). وقبل أن يختم مقاله لم ينسَ أن يشير إلى: (أن قضية مرضى السرطان تتزايد نسبها وهذا يتطلب برامج خاصة للتوسع في إنشاء المراكز الصحية المتخصصة والمستشفيات المتخصصة، ولنا مثال في إنشاء مستشفى معالجة سرطان الأطفال المتخصص في مصر الذي يعتبر نموذجاً للعمل الأهلي والتطوعي في إنشاء مستشفى متخصص لمعالجة سرطان الأطفال!!). نعم من حق الكاتب أن يشيد بمبادرة أهالي مكة، بل من واجبنا جميعاً أن نشيد بمثل هذه الأعمال الوطنية والإنسانية الرائعة والمباركة التي تهدف إلى كل ما من شأنه رفعة الوطن والمشاركة الجادة في إسعاد المواطن وتحقيق سلامته، من حقه أن يذكر أصحاب الأيادي البيضاء الذين كان لهم بصمة في أي مشروع خيري يستحق الثناء والإشادة، إذ لا يشكر الله من لا يشكر الناس، ولكنني أعتقد جازماً أن كاتباً كبيراً بحجم الدكتور الدحلان (عضو مجلس شورى ورجل أعمال معروف) ليس من حقه ولا يعذر بتجاهل المبادرات الوطنية التي سبقت وبسنوات، خاصة إذا كانت ذات تميز وتفرد ولها آثار مباركة ومعروفة وخدماتها تجاوزت الدائرة المحلية لتصل إلى الخليجية، بل وحتى العربية والعالمية.
لقد حاولت أن أقنع نفسي بأن صاحبنا لا يعلم غير ما ذكر، حاولت جاداً أن ألتمس العذر للكاتب القدير في تجاهله لمركز الملك فهد للأورام وسرطان الأطفال الذي أنشأه ووسعه معالي الدكتور ناصر الرشيد على نفقته الخاصة بتكلفة إجمالية بلغت حوالي (500.000.000 ريال) خمسمائة مليون ريال والذي يعنى بأبحاث وعلاج الأطفال المصابين بالسرطان. أقول حاولت وما زلت ولكنني بصدق وقفت عاجزاً عن ذلك، إذ لم أجد ما أتكئ عليه في التماس العذر لكاتب بحجم د. الدحلان، فمبنى المركز علامة فارقة ومتميّزة في العاصمة الرياض والخدمات الطبية التي تقدّم فيه على أعلى المستويات العالمية والطاقم الطبي المشرف عليه متخصص بامتياز وقبل هذا وذاك المبلغ المدفوع فيه مبلغ يستحق الإشادة وعدم النسيان ودحلان رجل أعمال ومال ويعرف لغة الأرقام جيداً، فلماذا هذا التجاهل لمثل هذا المبادرة الرائدة والرائعة والتي جاءت من رجل استشعر مسؤوليته الوطنية والإنسانية فكان منه البذل والمتابعة والإصرار حتى صار هذا الصرح الطبي المهم حقيقة أمام الأعيان.
إن مركز الملك فهد الوطني لأورام الأطفال ومركز الأبحاث أول مركز طبي متخصص تخصصاً دقيقاً لعلاج مرضى سرطان الأطفال، أسسه الدكتور الرشيد كعمل خيري، وقدمه للوطن عام 1412هـ، وكلّف مستشفى الملك فيصل التخصصي بتشغيله والإشراف عليه عام 1417هـ، وهو الوحيد على المستوى العربي والآسيوي، والثاني على مستوى العالم المتخصص بهذا المجال, وتبلغ التكلفة التشغيلية للمركز قرابة «140000000» مائة وأربعين مليون ريال سنوياً، وتصل تكلفة علاج المريض الواحد في كثير من الحالات قرابة المليون ريال سنوياً, وتتجاوز نسبة علاج الحالات السرطانية لدى الأطفال بنجاح 70% من الحالات الواردة للمركز، يتم اكتشاف حوالي 400 إلى 500 حالة جديدة سنوياً عدا حالات أمراض اضطرابات الدم غير الخبيثة التي يتولى المركز علاجها مع مستشفى الملك فيصل التخصصي، كما يبلغ عدد الحالات التي راجعت المركز منذ بداية تشغيله وحتى عام 2007م قرابة «8000» حالة. ويبلغ عدد الأسرة المشغلة حسب التقارير التي اطلعت عليها 36 سريراً للتنويم و16 سريراً لعلاج اليوم الواحد، ويستقبل المركز معدل 100 مراجع يومياً، هذا طبعاً عام 2007م. فهل مثل هذا يُجهل أو حتى يُنسى أو يُتنسى أيها الكاتب القدير!! وهل مثلك لا يعرف من هو صاحب الأيادي البيضاء معالي الدكتور ناصر بن إبراهيم الرشيد ولا ما قدّم وما زال يقدّم سواء في المجال الطبي أو العلمي أو الديني أو الثقافي محلياً وعربياً وعالمياً وإلى لقاء، والسلام.